الفصل الثالث: التطرف

  • يزخر التاريخ لا سيما السياسي منه بالعديد من أشكال التطرف، والذي يعني البعد عن الاعتدال، ونجد ذلك في الأفكار الشيوعية والفاشية وغيرها من الأفكار، والمذاهب التي تبعد عن الوسطية والاعتدال.
  • وفي هذا السياق يُنظر للمتطرفين على أنهم الاطراف السياسية الفاعلة التي تنزع لتجاهل حكم القانون ورفض التعددية في المجتمع. والشخص المتطرف عادة ما يسعى نحو مجتمع متجانس قائم على عقائد أيدولوجية متصلبة، ويسعى لجعل المجتمع يوافق على قمع المعارضة واخضاعها.
  • وهو بذلك يتميز عن الأشخاص الراديكاليين الذين يقبلون بالتنوع، ويؤمنون بقوة المنطق، وليس التعصب.
  • وقد أشار العديد من المفكرين وعلماء الاجتماع إلى أن تلك العقائد الأيدولوجية المتصلبة هي المنبع الرئيس لظاهرة العنف بشتى أنواعه: الفكرية أو السياسية والدينية، أو الأسرية... الخ، ومن ثم يعد التطرف والعنف وجهين لعملة واحدة، ال يمكن مناقشة أحدهما واستثناء الآخر.

أولاً: مفهوم العنف:

هو الاستخدام العمدي للقوة البدنية، أو النفوذ، تهديدا أو فعال ضد شخص ما، أو ضد الذات، أو ضد مجموعة من الناس أو جماعة محلية معينة، والذي ينجم عنه أو يحتمل بشكل كبير أن ينجم عنه الإصابة أو الموت أو الأضرار النفسي، أو سوء النمو، أو القمع ".

ملحوظة:

وظاهرة العنف عالمية ال تقتصر على مجتمع بعينه وانما تشمل كافة المجتمعات، فهي تعد ظاهرة عالمية تتكرر في مختلف بلدان العالم، وتتعدد أنماطها، وأسبابها، وأساليبها.

ثانياً: مفهوم التطرف:

يقصد بالتطرف الفكري: الفكر المتشدد الذي يبتعد عن الاعتدال، والوسطية، والسماحة في تناول البشر لكافة الأمور الحياتية، وما يترتب على ذلك من سلوك عنيف بين بعض البشر. وتكمن أسباب هذا العنف في أسباب: اجتماعية واقتصادية، وسياسية، وثقافية، ودينية، وما يصاحبها من تداعيات سلبية على أمن ومستقبل الوطن.

ويعني ويشير مفهوم التطرف الى:

  1. حالة من التعصب للرأي تعصبا ال يعترف معه بوجود الآخرين، وجمود الشخص جمودا ال يسمح برؤية واضحة لمصالح غيره، وال مراعاة لظروف العصر، وال بفتح نافذة للحوار.
  2. بأنه أسلوب مغلق في التفكير يتسم بعدم قدرة الفرد على تقبل أية أفكار من قبل الآخرين تختلف عن أفكاره، أو أفكار الجماعة التي ينتمي اليها.
  3. الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع.
  4. الغلظة في التعامل، والخشونة في الأسلوب، والفظاظة في الدعوة.

ثالثاً: مستويات التطرف:

  • معرفي: يتسم المتطرف بانعدام القدرة على التأمل والتفكير وإعمال العقل بطريقة مبدعة وبناءة.
  • وجداني: يتسم المتطرف بشدة الاندفاع، والمبالغة، والكراهية المطلقة للمخالف في الرأي أو المعارضة الشديدة، أو حتى للإنسان بصفة عامة، بما في ذلك الذات.
  • سلوكي: يتسم المتطرف بالاندفاعية دون تعقل ويميل سلوكه دائماً الى العنف.

رابعاً: الأسباب التي تدفع الشباب الى التطرف الفكر وممارسة العنف:

من أهم الأسباب وراء نمو القضايا الثالثة (التطرف، والعنف، او الرهاب) أن هناك ثالث قضايا أخرى يمثلها (الرفض، والإحباط، والتبرير الموجه)، وهناك العديد من القوى أصحاب المصالح في استغلال الثلاث الأخيرة من أجل تنمية الثلاث الأولى، والدفع بها إلى تحقيق أهدافهم وخططهم بدءاً من التطرف في الرأي، مروراً بالعنف في الممارسة التخريبية، ولذا فالمظاهر تتسع وصولاً إلى الرهاب في السلوك، هذا بالإضافة إلى أن العامل المسبب للتطرف قد يكون ذاتياً، يعود لخاصية الشباب نفسه، وما تتميز به بنيته النفسية من خصائص، وما تأثرت به تنشئته الاجتماعية من قبل الأسرة وجماعة الرفاق؛ فضال عن الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، يدعم ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر.

يواجه الشباب العديد من التحديات اليت اجعله غري قادر على الاندماج في المجتمع، مما يزيد من شعوره بالعزلة الاجتماعية، ومن أهم تلك التحديات:

  1. افتقاد الشباب للقدوة وغيابها سواء في البيت أو في المدرسة والجامعة.
  2. الجهل، وسوء الفهم للدين.
  3. ضعف ثقة الشباب في كثير من أجهزة الدولة، ومؤسساتها.
  4. ضعف انتماء هؤلاء الشباب أوطانهم.
  5. الإحباط من أهم أسباب التطرف.
  6. التفاوت الطبقي الواضح بين فئات المجتمع نتيجة غياب العدالة في توزيع الدخول.
  7. الفراغ الفكري هو مفسدة للشباب، فإذا لم تشغل الشباب بما ينفع، سيشغل بما ال ينفع.
  8. استخدام وسائل التطور التكنولوجي خصوصاً الانترنت دون حسيب او رقيب.

خامساً: سبل مواجهة التطرف والعنف:

  1. فتح قنوات حوار، وتواصل مع الشباب، من قبل العلماء، والدعاة للتعبير عما يجيش في عقولهم.
  2. تدريب الطالب على الحوار، وقبول الآخر، والتفاعل الإيجابي معه، والبعد عن التشدد.
  3. تجديد الخطاب الديني ليشمل إجابات، وحلولاً وسطية لإشكاليات الواقع ومستجداته.
  4. تضمين المقررات التعليمية المادة الدينية الكافية لتكوين الشخصية السوية المعتدلة.
  5. إشاعة جو الحرية، وروح النصيحة حتى ال يجد الشباب طرق أخرى للتعبير عن النقد، والمعارضة.
  6. معالجة صور الانحراف الأخلاقي بين الشباب على اعتبار صاحبه شخصا مريضا بتوازن وموضوعية.
  7. تفنيد شبهات الغلو والتطرف بأسلوب شرعي وروح فكرية وسطية معتدلة.
  8. إيجاد مرجعية صحيحة، ومقبولة تنال ثقة الشباب.
  9. توحيد مصدر الفتوى في القضايا الكبرى على مستوى الدولة، أو المجتمع.
  10. نشر دراسات، وبحوث تتناول شبهات فكرة الغلو، والتطرف، والرد عليها، وتوفيرها لشريحة الشباب.
  11. تدعيم دور المؤسسات التربوية، وتحديد أدوارها في مواجهة الأفكار المنحرفة، وخاصة الجامعة، والأسرة.
  12. تفريغ طاقات الشباب من خلال الأنشطة الطالبية المتنوعة.