من سمات الشخصية المصرية د. سليمان حزين

التعريف بالكاتب:

الدكتور سليمان حزين من الكتاب المصريين المعاصرين من مواليد 1902 وحفظ القرآن الكريم في طفولته تخرج من كلية الآداب وحصل على الليسانس في الجغرافيا والعلوم السياسية والاجتماع والدراسات الفلسفية ثم حصل على الدكتوراه من بريطانيا سنة 1925م ومن اهم مؤلفاته أرض العروبة - حضارة مصر - مستقبل الثقافة في مصر العربية، وصل الى منصب وزير الثقافة في الستينات من القرن الماضي وتوفي سنة 1999م.

المصريون يجمعون بين القديم والجديد:

" إنَّنَا إذا تحدثنا عن المصريين وطابعِهِم القومي والحضاري العام، فإننا لا نستطيعُ في يُسْرٍ أنْ نقولَ عنهم: إنهم أمةٌ محافظةٌ على القديمِ فقط، فمِثْلُ هذا الحُكْمِ لا يَجُوزُ أنْ يُطْلِقَهُ على عِلاتِهِ غيرُ مَنْ لا يتعمقون في الأمور، وهو - إلى جانبِ ذلك - حُكْمٌ لا يَشْمَلُ إلا جانبًا مِن الحقيقة، فإذا كان المصريون قد حافظوا على بعضِ تُرَاثِهِمْ القديمِ فإنهُمْ لم يَقِفُوا جامدينَ مِنْ نَزَعَاتِ التجديد، وإنَّمَا حَفِلَ تاريخُهُم الطويلُ بكثيرٍ مِن عناصرِ التقدمِ والتطورِ والابتكارِ والاستعارة، وشَمِلَ ذلك حياتَهُم الماديةَ والرُّوحيةَ جميعاً وحضارتَهُمْ المدنيةَ والثقافيةَ سَوَاءً بسواء، ولن يكونَ مِن الإنصافِ في حَقِّ هذه الأمةِ العريقةِ أنْ نَرْميَهَا بالجُمُود، وما بها من جمودٍ، ولا نَقولُ إنَّهَا مُحافظةٌ إلى حَدٍّ يَقْطَعُ بينها وبينَ أنْ تُسَايرَ سُنَّةَ التطورِ، وتُواكِبَ مَسيرةَ التحضر، وتحرصَ على التقدمِ والاجتهادِ والتجديد".

الشرح:

حين نتأمل في ملامح الشخصية المصرية وسماتها الحضارية فلا يمكن أن نقول إنهم شعب يحافظ على القديم فقط فمن يقول ذلك هو شخص يكتفي بالظواهر ولا يتعمق في الأمور، وهو حكم ظالم لأنه يشمل ناحية واحدة فقط من الحقيقة.

والمصريون حافظوا على تقاليدهم القديمة ولكنهم لم يكونوا متحجرين أمام دعوات التطور والتقدم، والتاريخ الحديث يشتمل على كثير من محاولات التقدم والتطور في الحياة الروحية والمادية والحضارة المدنية والثقافية إذا فمن الظلم أن نتهم الأمة المصرية العريقة بالتخلف والجمود وهي ليست كذلك.

من اللمحات الفنية والجمالية:

(إننا إذا تحدثنا عن المصريين): أسلوب مؤكد بـ(إن) يؤكد على ثقة الكاتب فيما يعرضه من حقائق، واستخدام ضمير جماعة المتكلمين (نا) يدل على اعتزاز الكاتب برأيه وبنفسه، واستخدام (إذا) يفيد التوكيد والثبوت والتحقق، وهي أجمل من (إنْ) التي تفيد الشك.

(إننا لا نستطيع في يُسر): أسلوب مؤكد بـ(إن) يؤكد أيضاً على اعتزاز الكاتب برأيه الذي وصل إليه بمشقة.

(لا نستطيع في يُسر أن نقول عنهم): أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (في يُسر) على المفعول به المصدر المؤول (أن نقول) يفيد التخصيص والتوكيد.

(نقول عنهم أمة محافظة): أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (عنهم) على المفعول به (أمة) يفيد التخصيص والتوكيد.

(أمة محافظة): تعبير يدل على ارتباط المصري واحترامه وتقديره لكل ما هو قديم.

(محافظة على القديم): إيجاز بحذف الموصوف (التراث)، التقدير: (التراث القديم).

(من لا يتعمقون في الأمور): كناية عن سطحية نظرة البعض وتسرعهم في إطلاق الأحكام، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(جانباً من الحقيقة): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب الحقيقة بشيء مادي له جوانب متعددة، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(فإنهم لم يقفوا جامدين): أسلوب مؤكد بـ(إن) يؤكد على تطور المصريين الدائم.

(إنما حفل تاريخهم الطويل): أسلوب قصر بـ (إنما) يفيد التخصيص والتوكيد.

(إنما حفل تاريخهم الطويل بكثير من عناصر التقدم والتطور والابتكار والاستعارة): تعبير يدل على ثراء الحضارة المصرية بكل ما هو عظيم، ووصف (التاريخ) بـ(الطويل) يدل على عراقة وعظمة حضارة مصر.

(إنما حفل تاريخهم الطويل بكثير من عناصر التقدم..): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب التاريخ بإناء يملأ، وعناصر التقدم بماء يملؤوه، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(عناصر التقدم والتطور والابتكار والاستعارة): العطف بالواو هنا أفاد تنوع وتعدد مظاهر الرقي والعظمة عند المصريين.

(المادية والروحية): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(جميعاً): تعبير يفيد العموم والشمول.

(حضارتهم المدنية والثقافية): العطف أفاد التعدد والتنوع.

(ولن يكون من الإنصاف في حق هذه الأمة العريقة أن نرميها بالجمود): أسلوب قصر بتقديم خبر يكون الجار والمجرور (من الإنصاف..) على اسمها المصر المؤول (أن نرميها) يفيد التخصيص والتوكيد.

(نرميها بالجمود): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب الجمود بسهم يرمى على مصر، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(وما بها من جمود): أسلوب مؤكد بحرف الجر الزائد (من) يؤكد على مرونة الشخصية المصرية.

(أمة تساير وتواكب مسيرة التحضر، وتحرص على التقدم): استعارة مكنية، حيث صور الأمة بإنسان يساير ويواكب التحضر ويحرص على التقدم، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(تساير سُنة التطور، وتواكب مسيرة التحضر): محسن بديعي / سجع يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن.

(مسيرة التحضر): تشبيه، حيث صور الكاتب التحضر بالمسيرة التي تنطلق نحو أهدافها، وسر جمال الصورة: التجسيم، وهي صورة توحي بكثرة الباحثين في العالم عن التقدم والتغير نحو الأفضل.

(تساير - تواكب): إطناب بالترادف، يقوي المعنى ويؤكده.

(تساير - تواكب - تحرص): استخدام الفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن.

(التقدم والاجتهاد والتجديد): العطف بالواو هنا أفاد تنوع وتعدد مظاهر الرقي التي يبحث عنها المصريون.

العودة إلى تاريخنا العريق ضرورة:

"وَلَوْ أنَّ مصرَ كَانتْ جامدةً في تاريخِهَا الحَافِلِ الطويلِ لسبقَتْهَا الأيامُ واندثرَتْ حياتُها ودالَتْ أُمَّتُها كما دالَ غيرُهَا من الأمم، ولئن كانت مصر قد عاشت كلَّ هذه القرونِ الكثيرةِ، فما ذاك إلا لأنها لم تتقاعَسْ عن أنْ تأخذَ بأسبابِ التجديد وقد يكونُ مِن الخيرِ لأبناءِ مصرَ - وهُمْ يَتَرَسَّمُون خُطَاهُمْ ويَرْسُمُون خُططَهُمْ للمستقبلِ - أنْ يعودوا إلى تاريخِهِم فيدرسوا فيه شخصيةَ أُمَّتِهِمْ المميزة، وعندئذٍ يعلمونَ أنَّهُمْ محافظون يُجيدون المحافظة، ومجددون يُحسنون التجديدَ، بل عندئذٍ يعلمون أنَّ لشخصيتِهِم القوميةِ مقوماتٍ أساسيةً نشأَتْ في مِصْر وتَغّذَّتْ بِلِبَانِ بيئتِهَا، فلا سبيلَ إلى أنْ ننفُضَهَا في عُنْف ؛ لأنِّ ذلك يُغَايرُ طبيعةَ الأشياء

وختامًا فإنَّ شَعْبَ مِصْرَ قَدْ عَرَفَ كيفَ يُسَايرُ الزمنَ على مدى تاريخِهِ، وكيفَ يُجَدِّدُ حياتَهُ، ويُغَذِّي حضارتَهُ بِمَا يبتكرُ، أو بما يقتبسُ مِن حضاراتِ الآخرينَ في الشَّرْقِ أو في الغرب".

الشرح:

زال غيرها من الأمم والشعوب وذلك لأنها لم تتكاسل عن الأخذ بأسباب التقدم والتطور.

لذلك يجب على أبناء مصر عندما يخططون للمستقبل أن يعودوا الى تاريخهم الحافل ويدرسوا جيداً السمات التي تميز الشخصية المصرية حتى يدركوا أن الشخصية القومية لمصر لها مقومات وأسس نشأت وترعرعت في أرض مصر لا يمكن التخلص منها بعنف لأن ذلك عكس طبيعة الأشياء في النهاية ندرك أن الشعب المصري استطاع أن يواكب الحضارة والتقدم بما يبتكر او بما يقتبس من حضارات الأمم.

من اللمحات الفنية والجمالية:

(يرسمون خططهم للمستقبل): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب خطط أبناء مصر للمستقبل بشيء مادي يرسم، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بالطموح والرؤية الدقيقة المحددة.

(محافظون يجيدون المحافظة - مجددون يحسنون التجديد): محسن بديعي / مقابلة يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد، وازدواج يعطي جرساً موسيقياً يطرب الأذن.

(أن لشخصيتهم القومية مقومات): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب شخصية الوطن بإنسان له مقومات واضحة، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي الصورة بضرورة التمسك بموروثاتنا النافعة.

(مقومات أساسية نشأت في مصر): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب المقومات بأشخاص تنشأ وتترعرع على أرض مصر، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(مقومات.. تغذت بلبان بيئتها): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب المقومات بأبناء، وصور البيئة بأم حنون، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(ننفضها (شخصية الأمة) في عنف): كناية عن الرغبة الجامحة في التغير التام والابتعاد عن جذور الأمة، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(لأن ذلك يغاير طبيعة الأشياء): أسلوب مؤكد بـ(إن)، والعبارة تعليل لما قبلها.

(فإن شعب مصر قد عرف): أسلوب مؤكد بـ(إن) و (قد+ الفعل الماضي).

(يساير الزمن): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب الزمن بشخص نسايره، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(على مدى تاريخه): تعبير يدل على تأقلم الشعب المصري مع كل المتغيرات التي تحدث له أو تحدث حوله.

(يجدد حياته): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب الحياة بكائن حي يجدد، وسر جمال الصورة: التجسيم، والصورة توحي بتطور الشخصية المصرية الدائم.

(يغذي حضارته): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب الحضارة بشخص يغذى، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(يقتبس من حضارات الآخرين): استعارة مكنية، حيث صور الكاتب حضارات الآخرين بنور يقتبس منه الشعب المصري كل ما هو مفيد ونافع له ليهتدي به، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(يجيدون - يحسنون): إطناب بالترادف، يقوي المعنى ويؤكده.

(يبتكر - يقتبس): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(الشرق - الغرب): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

التعليق العام على النص:

النص من المقال الاجتماعي وأسلوبه علمي متأدب.

علل قلة الصور البيانية في هذا النص؟

لأن الغرض منه الإفهام والإقناع العقلي وليس الإمتاع العاطفي.

ما سمات أسلوب الكاتب؟

  • السهولة والابتعاد عن الغموض والتعقيد.
  • ترتيب الأفكار وتسلسلها وترابطها.
  • قلة الصور البيانية والمحسنات البديعية.