التكافل الاجتماعي في الإسلام - أحمد حسن الزيات

التعريف بالكاتب:

من مواليد محافظة الدقهلية 1885م، حفظ القرآن الكريم ـ تعلّم في الأزهر الشريف عدة سنوات وكان زميلاً لطه حسين، والتحق بالجامعة الأهلية بعد إنشائها 1908م، كما التحق بمدرسة الحقوق الفرنسية وحصل فيها على ليسانس الحقوق. أنشأ مجلة " الرسالة "، واختير عضواً بالمجمع اللغوي المصري، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1961م، توفي عام 1968م.

المقال من مقالاته التي كان يفتتح بها مجلة الرسالة ونشر تحت عنوان (كيف عالج الإسلام الفقر؟) ، وقد جمعت هذه المقالات في كتاب بعنوان (وحي الرسالة) الذي نال عليه جائزة الدولة عام 1953م.

التمهيد:

المقصود بالتكافـل الاجتمـاعي أن يتضـامن أبنـاء المجتمـع ويتسـاندوا فيمـا بينـهم سـواء أكـانوا أفـراداً أو جماعـات، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، حكاماً أو محكومين على اتخاذ مواقف إيجابية دوافعها إيمانية نبيلة، تهدف إلى غايات كريمة، تنتهي إلى تحقيق الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية لجميع أبناء المجتمع كرعاية اليتيم مِن مأكل ومشرب ودواء وكساء وتعليم، نشر العلم وغير ذلك. بـدافع مـن شـعور وجـداني عميـق ينبـع مـن أصـل العقيـدة الإسـلامية؛ ليعـيش الفـرد في كفالـة الجماعـة، وتعـيش الجماعـة بمؤازرة الفرد، حيث يتعاون الجميع ويتضامنون لإيجاد المجتمـع المستقر المتوازن الأفضل الذي يدفع بقوة الضرر عن أفراده ويحاول أن يوفر له سبل الحماية من الذين يحاولون خرْق سفينة المجتمع.

المستحقون للتكافل:

كبار السن - الفقراء والمساكين والأيتام - الأرامل والمطلقات - العجزة والمعوقين والمرضى.. إلخ.

العاطفة المسيطرة على الكاتب في هذا النص:

الإعجاب بتشريعات الإسلام الاجتماعية مع الإشفاق على المجتمع من أخطار الفقر وكوارثه، وقد جاءت ألفاظ الكاتب وتعبيراته وأساليبه ومحسناته وأخيلته صدى لتلك العاطفة الصادقة ومعبرة بقوة عنها.

الفكرة الأولى "بعض الأهداف السامية لرسالة الاسلام":

(عالج الإسلام الفقر علاج من يعلم أصل كل داء ومصدر كل شر وقد أوشك هذا العلاج أن يكون بعد توحيد الله أرفع أركان الإسلام شأناً وأكثر أوامره ذكراً وأوفر مقاصده عناية ولو ذهبت تتقصى ما نزل من الآيات وورد من الأحاديث في الصدقات والبر لحسبت أن رسالة الإسلام لم يبعث بها الله محمدا آخر الدهر إلا لينقذ الإنسانية من غوائل الفقر وجرائر الجوع وحسبك أن تعلم أن آي الصيام في الكتاب أربع وآي الحج بضع عشرة وآي الصلاة لا تبلغ الثلاثين أما أي الزكاة والصدقات فإنها تربو على الخمسين).

اللغويات:

عالج : داوى - الفقر : العِوَز ، الحاجة ، الفاقة ج مفاقر ، فقور × الغنى ، الاستغناء - أصل : أساس ، منشأ ج أصول ، أُصُل - داء : مرض × دواء ج أدواء - مصدر : منبع ج مصادر - توحيد : الإيمان بوحدانية الله × شِرْك - أرفع : أسمى ، أرقى × أحقر ، أحط - أركان : جوانب م ركن - شأناً : قيمة ، قدْراً - ذكراً : وروداً ، إشارة ، تنويهاً × إغفالاً - أوفر : أكثر × أقل - مقاصده : أهدافه ، غاياته م مقصد - عناية : اهتماماً ، رعاية × إهمالاً - تتقصى : تتحقق ، تدقق البحث - الصدقات : العطايا ، الإحسان م الصدقة - البر : الخير ، الإحسان ج البرور - لحسبت : لظننت × تيقنت ، تأكدت - يبعث : يرسل - آخر : نهاية × بداية ، أول - الدهر : الزمن الطويل الممتد ج الدهور ، الأدهر - ينقذ : يخلص × يهلك - الإنسانية : البشرية × البهيمية - غوائل : شر ، فساد ، مصائب م غائلة - جرائر : جرائم ، جنايات ، ذنوب م جريرة - الجوع : خواء البطن × الشبع ، الامتلاء - حسبك : يكفيك - آي : آيات القرآن م آية - بضع : العدد ما بين الثلاث والتسع - الزكاة : العطاء المحدد للفقراء والمساكين ج الزكوات مادتها : (ز ك و) - تربو : تزيد × تنقص ، تقل.

الشرح:

حرصاً من الإسلام على قوة وتماسك الأمة فقد اهتم بمحاولة التغلب على مشكلة الفقر الخطيرة وعلاجها بكافة الوسائل ؛ فكل أمراض المجتمع وشروره وفساده وجرائمه أساسها الفقر الذي قد يميت الإيمان عند بعض الفقراء ويجعلهم يسيرون في طريق الانحراف والجريمة ، لذلك يرى الكاتب أن اهتمام الإسلام بعلاج مشكلة الفقر يعد من أسمى غايات الإسلام شأناً وأكثر أهدافه بعد الإيمان بالله الواحد الأحد عناية والدليل على اهتمام الإسلام الكبير بعلاج مشكلة الفقر الكثير والكثير من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى إخراج الزكاة والإكثار من الصدقات والإحسان إلى الفقراء حتى إنك لتظن أن الخالق أرسل سيدنا محمداً - ص - بالإسلام ؛ لينقذ البشرية من الفقر وفساده والجوع ومصائبه.

التذوق البلاغي:

الألوان البيانية:

(عالج الإسلام الفقر): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب الإسلام بطبيب يعالِج والفقر بمريض يُعالَج، وتوحي الصورة باهتمام الإسلام العظيم بالقضاء على كل مظاهر الضعف في الأمة، والتعبير بالفعل الماضي (عالج) يدل على الثبوت والتحقق من قدرة الإسلام على معالجة كافة أمراض المجتمع التي تضعفه.

(عالج من يعلم أصل كل داء..): تعبير دقيق يدل على أن الإسلام لديه الدواء الشافي لكل داء من أمراض وأدواء المجتمع.

(داء): استعارة تصريحية، حيث شبه الكاتب مشكلات المجتمع بالداء، فحذف المشبه (مشكلات المجتمع) وصرح بالمشبه به (داء).

(عالج - علاج): محسن بديعي / جناس اشتقاقي ناقص يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن.

(من - كل): تفيدان العموم والشمول.

(علاج - داء): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(أصل كل داء ومصدر كل شر): تعبير يدل على خطورة الفقر فأصل كل أمراض وجرائم المجتمع نجد الفقر عاملاً مشتركاً فيها.

(بعد توحيد الله): إطناب بالاعتراض للاحتراس.

(أركان الإسلام): استعارة مكنية تصوّر الإسلام ببناء عظيم له أركان يرتكز عليها، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(أرفع - وأكثر - وأوفر): استخدام اسم التفضيل يفيد التأكيد على قمة العلو والرفعة وبلوغ منتهى الصفة.

(شأناً - ذكراً - عناية): جاءت نكرات للتعظيم.

(الصدقات والبر): إطناب عن طريق عطف العام (البر) على الخاص (الصدقات) يثير الذهن ويفيد العموم والشمول.

(الآيات - الأحاديث): مراعاة نظير تثير الذهن، وجاءتا جمعاً؛ لتفيدا الكثرة.

(لحسبت أن رسالة الإسلام): نتيجة للشرط قبلها (لو ذهبت تتقصى)، وأسلوب مؤكد بـ(إن).

(رسالة الإسلام): تشبيه للإسلام بالرسالة التي توضح الطريق لعلاج آفات البشرية كلها.

(غوائل الفقر): تشبيه مبتكر شبه الفقر بالشر والفساد الكبير، وسر الجمال الصورة: التوضيح، وتوحي بفظاعة الفقر وآثاره السيئة .

(جرائر الجوع): تشبيه مبتكر شبه الجوع بالجناية العظمى أو الذنب، وسر الجمال الصورة: التوضيح، وتوحي بفظاعة الفقر وآثاره السيئة.

(غوائل - جرائر): جمع يفيد كثرة مصائب الفقر وجناياته المؤكدة على الإنسان.

(غوائل الفقر وجرائر الجوع): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(الفقر - الجوع): مراعاة نظير تثير الذهن وتنبهه.

س1: لم أتى الكاتب بـ(الزكاة) مفردة وبـ(الصدقات) جمعاً؟

أتى الكاتب بـ(الزكاة) مفردة؛ لأنها عبادة تؤدى على المال الفائض كل عام، بينما (الصدقات) جمعاً؛ لأنها تؤدى طوال العام وفي كل الأوقات تقرباً إلى الله.

تذكر قول رسول الله - ص -: (ما نقصَ مالٌ من صَدَقَة).

س2: علل: تكرار الكاتب لـ(الصدقات) أكثر من مرة في الفقرة في قوله: (الصدقات والبر)، (الزكاة والصدقات).

التكرار جاء؛ للتأكيد على أهميتها وأهمية استمراريتها طوال العام في محاولة القضاء على الفقر في أي مجتمع، وتقديم الحماية والرعاية الدائمة للفقراء.

الفكرة الثانية: " أسباب اختيار جزيرة العرب لكفاح الفقر":

(كأنما اختار الله لكفاح الفقر أشح البلاد طبيعة وأشد الأمم فقراً ليصرعه في أمنع حصونه وأوسع ميادينه فإن الفقر إذا انهزم في قفار الحجاز كانت هزيمته في ريف مصر وسواد العراق أسرع وأسهل ثم اختار الله رسوله فقيراً ليكون أظهر لقوته كما اختاره أمياً ليكون أبلغ لحُجَّته).

اللغويات:

اختار : انتقى - كفاح : محاربة ، مواجهة ، مقاومة × مهادنة - أشح : أقل ، أبخل ، أجدب × أغنى ، أجود ، أخصب - طبيعة : عالم الكائنات الحية والجامدة ج طبائع ، والمقصود : موارد - أشد الأمم فقراً : أي أكثرها - ليصرعه : يقتله ، والمقصود : يزيله ، يمحوه - أمنع : أقوى ، أحكم × أضعف - حصونه : معاقله م حصن - أوسع : أرحب × أضيق - قفار : م قفر ، وهي أرض خالية من الماء والزرع والناس ، بلقع - ريف : أرض فيها زرع وخصب ج أرياف - سواد العراق : أي القرى المحيطة بالمدينة ج أسودة ج أساود ، والمقصود : البساتين والزروع والنخيل - أظهر : أبرز ، أوضح × أخفى - أمياً : جاهلاً بالقراءة والكتابة - أبلغ : أفصح × أعجم - حُجَّته : برهانه ، دليله ، ذريعته ج حُجَج ، حِجاج.

الشرح:

اختار الخالق أرض الحجاز لكفاح الفقر لأن طبيعة بلاد الحجاز طبيعة قاسية فمواردها قليلة للغاية وبالتالي فالفقر مدقع فيها قاسٍ وشديد وحياة البشر صعبة، فإذا هزم الإسلام الفقر وقضى عليه في أرض الحجاز القفر القاحلة كانت هزيمته والقضاء عليه في ريف مصر وقرى العراق وأي بلد آخر أسهل وأيسر واختار الله رسوله فقيراً؛ ليكون أوضح لقوته في القضاء على الفقر، واختاره أمياً؛ ليكون أقوى في بيان دلائل الخالق.

التذوق البلاغي:

(اختار الله لكفاح الفقر أشح البلاد.. ليصرعه) : تعبير يدل على أنه لا يوجد مرض من أمراض البشرية إلا وله علاج ناجع ومؤكد عند الخالق.

(كفاح الفقر): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب الفقر بعدو نكافحه في ميدان الجهاد، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وتوحي بالكراهية الشديدة للفقر.

(أشح البلاد طبيعة): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب طبيعة بلاد الحجاز بإنسان شديد البخل، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وتوحي بشدة الفقر وقسوته.

(أشح البلاد طبيعة - أشد الأمم فقراً): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(ليصرعه في أمنع حصونه وأوسع ميادينه): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب الفقر بوحش مفترس يصرعه الخالق في حصونه المنيعة وميادينه المترامية، وسر الجمال الصورة: التجسيم، وتوحي الصورة بقوة الإسلام، وإطناب بالتعليل، والعطف للتنويع.

(أمنع - أوسع): استخدام اسم التفضيل يفيد التأكيد على قمة المناعة والاتساع.

(حصونه - ميادينه): التعبير بالجمع للكثرة.

(أمنع حصونه - أوسع ميادينه): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(فإن الفقر إذا انهزم في قفار الحجاز): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب الفقر بعدو يهزم ويقضى عليه في معقله، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وأسلوب مؤكد بـ(إن).

س: أيهما أدق: (قفار الحجاز) أم (أرض الحجاز)؟ ولماذا؟

التعبير بـ(قفار) أدق واقوي؛ لأنه يدل على صعوبة واستحالة الحياة في هذه الأرض، فالأرض القفر هي الخالية من كافة الموارد من ماء وزرع، وهذا يدل على عظمة الإسلام الذي وضع العلاج الناجع (الفعال، الشافي) لما نظن أنه استحالة أن يعالج.

(كانت هزيمته (الفقر) في ريف مصر وسواد العراق): استعارة مكنية، حيث صوّر الكاتب الفقر بعدو يهزم ويقضى عليه في أي مكان، وجاء استخدام الفعل بصيغة الماضي (كانت)؛ ليفيد الثبوت والتحقق من هزيمته المؤكدة طالما نفذنا تعاليم الإسلام.

الفكرة الثالثة: " الفقر وأضراره في الجاهلية":

(كانت جزيرة العرب إبَّان الدعوة العظمى مثلاً محزناً لما يجنيه الفقر على بني الإنسان من تَضْرية الغرائز وتمزيق العلائق ومعاناة الغزو ومكابدة الحرمان وقتل الأولاد وفحش الربا وأكل السحت وتطفيف الكيل وعنت الكبراء وأثرة الأغنياء وفقد الأمن وانحطاط المرء إلى الدرك الأسفل من حياة البهيم فلما أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق كانت معجزته الكبرى هذا الكتاب المحكم الذي جعل هذه الأشلاء الدامية جسماً شديد الأسْر عارم القوة ونسخ هذه النظم الفاسدة بدستور متين القواعد خالد الحكمة).

اللغويات:

جزيرة : أرض يابسة تحيط بها الماء ج جزر وجزائر- إبَّان : خلال ، أثناء ، وقت - الدعوة العظمى : الكبرى ، والمقصود : الدعوة للإسلام - مثلاً : نموذجاً ج أمثال ، بينما مثال ج أمثلة ، مُثل - يجنيه : يحصده ، يجمعه - تَضْرية : إثارة بشدة × كبت - الغرائز : أي الشهوات م غريزة - تَضْرية الغرائز : أي إثارتها بشدة وقوة - تمزيق : تقطيع × وصْل - العلائق : الروابط ، الوشائج م علاقة - معاناة : إرهاق ، تعب ، مكابدة × راحة - الغزو : القتال ، الحرب - مكابدة : مقاساة ، معاناة - الحرمان : المنع ، العوز × الاكتفاء - الأولاد : أي الذكر والأنثى فكل مولود ولد - فحش : قبح × حسن - الربا : الزيادة على أصل المال المقترض (معاملة مالية حرمها الإسلام) - أكل السحت : المكسب الحرام ج أسْحَات - تطفيف الكيل : إنقاص الوزن وإبخاسه × استيفاء - عنت : مكابرة ، ظلم - الكبراء : علية القوم ، العظماء × الحثالة ، الحقراء م كبير - أثرة : أنانية ، حب النفس × إيثار - فقد : ضياع × صون - انحطاط : انحدار ، تدهور × سمو ، رفعة - المرء : الإنسان ج الرجال - الدرك : الطبقة السفلى ، الدرجة لأسفل × الدرج ، الدرجة لأعلى - الأسفل : الأدنى × الأسمى ، الأرقى - الدرك الأسفل : أي قعر جهنم - حياة : عيْش ج حيوات - البهيم : الحيوان ج بُهْم ، بُهُم - الهدى : الرشاد × الضلال - دين الحق : أي الإسلام - الحق × الباطل - معجزته : أمر خارق للعادة يعجز الإنسان أن يأتي بمثله ج معجزات - الكتاب المحكم : المتقن ، والمقصود : القرآن الكريم - الأشلاء : البقايا الممزقة م شِلو - الدامية : أي الملطخة بالدم ، النازفة - شديد الأسْر : قوي الخَلْق - عارم : شديد ، كاسح ج عَرَمَة - نسخ : أزال ، محا × ثبت - النظم : الطرق م نظام - الفاسدة : الطالحة ، التالفة × الصالحة - دستور : قانون عام ج دساتير- متين : قَويّ ، صَلْب ، مكين ، راسخ ج مِتَان × ضعيف - القواعد : الأسس ، المبادئ م القاعدة - خالد : باقٍ ، دائم × فانٍ.

الشرح:

يبين الكاتب في هذه الفقرة حال الجزيرة العربية البائس عند قدوم الإسلام بنوره حيث كانت مثالاً صارخاً لما يفعله الفقر بالإنسان من حيث الغرائز مسيطرة بشدة على حياة البشر، والعلاقات والروابط إنسانية ممزقة، والمعاناة شديدة بسبب الحروب التي تقع لأتفه الأسباب والتي لا تنتهي، والحرمان القاسي. كما تفشت الصفات الذميمة كقتل الأبناء (وأد البنات) وفحش الربا وأكل الحرام وإنقاص الموازين ومكابرة الزعماء وبعدهم عن الحق والأنانية من الأغنياء وضياع للأمن والأمان وتدهور لمنزلة الفرد لتصل إلى درجة أقل من درجة الحيوان فلما بعث الخالق رسوله بالإسلام دين الحق والهدى ومعه دستوره القرآن الكريم الذي جمع هذه الأشلاء والبقايا الجريحة فغير القوانين الفاسدة بدستور قوى ذا أسس خالدة باقية تعلي من قيمة الجماعة وتقر بأنه لا يوجد مع العدالة الاجتماعية إنسان قوي بماله وسلطانه وآخر ضعيف بفقره وشأنه.

التذوق البلاغي:

(كانت جزيرة العرب إبَّان الدعوة العظمى مثلاً محزناً لما يجنيه الفقر): تشبيه لأحوال لجزيرة العربية بالمثل المحزن لما يسببه الفقر في أي مجتمع، وسر جمال الصورة: التوضيح، وتوحي الصورة بالسوء الشديد لأحوال المجتمع في ذلك الوقت.

(يجنيه الفقر): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب الفقر إنساناً يجني أسوأ محاصيل، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(يجنيه الفقر.. من تضرية الغرائز): استعارة مكنية صوّر إثارة الغرائز محصولاً يجنى، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بالعائد السيئ للفقر.

(تضرية الغرائز): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب الغرائز إنساناً يثار، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(تمزيق العلائق): استعارة مكنية تصوّر الروابط بأشياء مادية تمزق وتقطع، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بالأثر السيئ الذي يخلفه الفقر في العلاقات الإنسانية.

(تضرية الغرائز، وتمزيق العلائق): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(معاناة الغزو): استعارة مكنية تصوّر الغزو بمرض نعانى منه، وسر جمال الصورة: التوضيح.

(معاناة - مكابدة): إطناب بالترادف يؤكد ويقوي المعنى.

(قتل الأولاد): كناية عن وأد البنات، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(أكل السحت): استعارة مكنية تصوّر السحت (المكسب الحرام) بطعام يؤكل، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بانعدام الضمير وسوء الخلق.

(تطفيف الكيل): كناية عن السرقة في الميزان، وانعدام الضمير، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(أثرة الأغنياء): كناية عن اللامبالاة بآلام الفقراء والمستضعفين، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(عنت الكبراء وأثرة الأغنياء): محسن بديعي / سجع يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن.

(فقد الأمن): استعارة مكنية صوّر الكاتب الأمن بشيء مادي يفقد، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بالوحشة والخوف.

(انحطاط المرء إلى الدرك الأسفل من حياة البهيم): كناية عن وضاعة وحقارة حياة الإنسان في ذلك العصر الذي جعل البشر بلا عقول كالحيوانات، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(بالهدى ودين الحق): العطف لبيان عظمة الدين الإسلامي الذي جاء ليبدد ظلام الكفر.

(دين الحق): تشبيه للحق بالدين لتوضيح أهميته.

(معجزته الكبرى): استعارة تصريحية، حيث صوّر الكاتب القرآن بالمعجزة حيث حذف المشبه (القرآن) وصرح بالمشبه به (معجزته)، ويجوز أن تكون (معجزته الكبرى) كناية عن القرآن الكريم.

(الكبرى): اسم تفضيل يدل على ثبوت صفة العظمة للقرآن.

(هذا الكتاب المحكم): كناية عن القرآن الكريم، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم، واستخدام اسم الإشارة (هذا) للتعظيم، ووصف (الكتاب) بـ(المحكم)؛ ليدل على كماله وعظمته (وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل..) سورة فصلت.

(جعل هذه الأشلاء الدامية جسما شديد الأسر): كناية عن الأثر الطيب للقرآن الكريم الذي بعث الحياة القوية في جسد أمة ممزقة منهكة، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(الأشلاء الدامية): وصف (الأشلاء) بـ(الدامية)؛ ليدل على تدهور وسوء حال البشر قبل الإسلام.

(الأشلاء الدامية): استعارة تصريحية، حيث صوّر الكاتب الأمة العربية قبل الإسلام بالجسد الممزق (الأشلاء) حيث حذف المشبه (الأمة العربية) وصرح بالمشبه به (الأشلاء الدامية)، وفي الصورة توضيح للحالة السيئة للعرب قبل الإسلام.

(الأشلاء - جسماً): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(نسخ هذه النظم الفاسدة): كناية عن إقرار العدالة ومحو الظلم، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(دستور متين القواعد خالد الحكمة): وصف (دستور) بـ(متين) و(خالد)؛ ليبين عظمة القرآن وحكمته الدائمة على مر العصور.

الفكرة الرابعة: " بوادر الإصلاح الإلهي":

(ثم كانت بوادر الإصلاح الإلهي أن قلَّم أظفار الفقر وأسا كلوم الفقراء وقمع جرائر البؤس فألف بين القلوب وآخى بين الناس وساوى بين الأجناس وعصم النفوس من القتل الحرام وطهر الأموال من الربا الفاحش ثم عالج الداء الأزلي نفسه بما لو أخذ به المصلحون لوقاهم شرور هذه الحروب التي أمضَّت حياة الناس وكفاهم أخطاء هذه المذاهب التي قوضت بناء المجتمع عالجه بالسفارة بين الغنى والفقير على أساس الاعتراف بحق التملك والاحتفاظ بحرية التصرف فلا يُدفع مالك عن ملكه ولا يعارَض حر في إرادته إنما جعل للفقير في مال الغنى حقا معلوماً لا يكمل دينه إلا بأدائه ذلك الحق هو الركن الثالث من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام فلا هو فرع ولا نافلة ولا فضلة ..).

اللغويات:

بوادر : بدايات ، دلائل × خواتيم ، نهايات م بادرة - الإصلاح : التقويم وتغيير الفساد ، والمقصود : العلاج × الإفساد - قلَّم : قص - أظفار : مخالب م ظفر - أسا : داوى ، طبب ، عالج - كلوم : جروح م كلم - قمع : قهر ، سحق - جرائر : جرائم ، جنايات م جريرة - البؤس : الشقاء ، الضنك × النعيم ، الرغد - ألف : وحّد ، جمّع × فرّق - آخى : صار له أخاً ، صادَق - الناس : البشر ، مادتها : (نوس) - ساوى : عادل × ميّز ، فضّل - الأجناس : أنوع البشر م جنس - عصم : حمى ، حفظ ، وقى ، منع × ضيّع - طهر : نقّى ، زكّى × لوث - الربا : الزيادة على المال المقترض - الفاحش : شديد القبح - الأزلي : السرمدي ، الأبدي الخالد ، والمقصود : القديم - المصلحون : الداعون للإصلاح × المفسدون - وقاهم : حماهم ، حفظهم - أمضَّت : آلمت ، أوجعت × أراحت - قوضت : هدمت ، نقضت - السفارة بين الغنى والفقير : أي إقامة العلاقة بين الغني والفقير ، السعاية - الفقير : المعدم ، العائل - التملك : الاستحواذ ، الامتلاك - التصرف : التحكم ، السلوك - يدفع : يبعد - يعارَض : أي يُمنع - إرادته : مشيئته - حقاً معلوماً : نصيباً محدداً - يكمل : يتم × ينقص - بأدائه : إقامته - الركن الثالث : أي الزكاة - فرع : قسم ، شعبة - نافلة : عبادة زائدة ج نوافل × فرض - فضلة : زيادة ج فضل.

الشرح:

كانت بدايات الإصلاح الإلهي بمحاولة القضاء على الفقر وعلاج جراح الفقراء وإزالة كل أسباب الشقاء الإنساني ، فألف بين القلوب وآخي بين الناس وساوى بينهم لا فرق بين أبيض وأسود وحمى النفوس من القتل الحرام وطهر الأموال من الربا وعالج مشكلة الفقر الأزلية علاجاً جذرياً لو أخذ به ونفذه من يريدون إصلاح أحوال الأمة لحماها من ويلات وشرور الحروب التي أتعبت حياة الناس وأقضت مضاجعهم ولكفى الناس الأخطاء التي تسببت في تقويض (هدم) أركان أي مجتمع سابقاً عالجه بإقامة علاقة واضحة بين الغنى والفقير من حيث اعتراف بحق الملكية الخاصة فلا يمنع مالك عن ملكه ، ثم جعل للفقير حقاً معلوماً وواجباً في مال الغنى لا يمكن أن يكتمل إيمان الغني إلا بأدائه لهذا الحق الذي يعد الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة وهو الزكاة ، وهو حق واجب لا تفضّل أو منّ فيه من الغني على الفقير.

التذوق البلاغي:

(قلَّم أظفار الفقر): كناية عن القضاء على أسباب ومداخل الفقر وإضعافه بشدة، واستعارة مكنية تصوّر الفقر بوحش له مخالب تقطع، وهي صورة توحي بالقضاء على خطورة الفقر وإضعافه بشدة.

(أسا كلوم الفقراء): كناية عن المساعدة والمساندة في تخفيف آلام الفقراء، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(كلوم الفقراء): استعارة تصريحية حيث صوّر الكاتب معاناة الفقراء مع الفقر بالكلوم (الجروح)، وسر الجمال الصورة: التجسيم، وتوحي بعظمة علاج الإسلام لمشكلات البشر؛ فالإسلام هو البلسم الشافي لكل جراح البشر.

(قمع جرائر البؤس): استعارة مكنية صوّر الكاتب البؤس بإنسان له ذنوب وخطايا يقضي عليها الإصلاح الإلهي بقوة، وسر الجمال: التشخيص، وتوحي بأثر الإسلام على استقرار الحياة، والتعبير بـ(قمع) يوحي بشدة وقوة الإسلام في التعامل مع مشكلات البشرية ومحاولة استئصالها.

(قلَّم أظفار الفقر وأسا كلوم الفقراء وقمع جرائر البؤس): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(فألف بين القلوب): استعارة مكنية صوّر الكاتب القلوب بأشخاص يوحد بينها الخالق ويجمعها، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وتوحي بالمودة والمحبة في الله.

(القلوب): مجاز مرسل عن البشر، علاقته: الجزئية، وسر جمال المجاز: الدقة والإيجاز.

(آخى بين الناس): كناية عن المساواة وقوة الرابطة وعمقها، وكأنها رابطة الدم التي تجمع بين الأخوة الأشقاء، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(ساوى بين الأجناس): كناية عن العدالة المطلقة، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(فألف بين القلوب وآخى بين الناس): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(وآخى بين الناس وساوى بين الأجناس): محسن بديعي / سجع يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(الناس - الأجناس): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن.

(عصم النفوس): النفوس مجاز مرسل عن البشر، علاقته: الجزئية، وسر جمال المجاز: الدقة والإيجاز.

(طهر الأموال من الربا الفاحش): استعارتان مكنيتان، الأولى صوّر فيها الكاتب الأموال ثياباً تتطهر وتنقى من القذارة (الربا)، وسر جمالها: التوضيح، وفي الثانية صوّر الربا بقذارة ونجاسة يتطهر منها المال.

(عصم النفوس من القتل الحرام وطهر الأموال من الربا الفاحش): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(قلَّم - وقمع - وألف - وآخى - وساوى - وعصم - وطهر): العطف هنا أفاد تعدد وتنوع مظاهر الحماية والوقاية الدائمة التي يقدمها الإسلام للبشرية كلها بلا استثناء، ولاحظ أيضاً أن الكاتب أكثر من استخدام الأفعال الماضية؛ ليفيد الثبوت والتحقق من أن العلاج الإسلامي للشرور هو العلاج الناجع (الشافي، النافع) الأفضل لكل الآفات البشرية.

(عالج الداء الأزلي نفسه): استعارة تصريحية تصوّر الفقر بالداء القديم قدم البشرية، وسر الجمال الصورة: التوضيح، وتوحي بعظمة الإسلام الذي لديه دواء لكل داء، و(نفسه) توكيد معنوي.

(الكسر من حدة الشهوة والكف من سَورة الطموح والغض من إشراف الطمع): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس

(فرغَّب الغني في الزهد): نتيجة لما قبلها.

(فرغَّب الغني في الزهد وأمر الواجد بالقناعة ومدح الفقير بالتعفف): تعبيرات متتالية تدعو إلى تهذيب النفس والتخلي عن سطوة المال الشديدة.

(فرغَّب الغني في الزهد وأمر الواجد بالقناعة ومدح الفقير بالتعفف): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس

(الغني - الفقير): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

الفكرة الخامسة: " القضاء على الفقر سبيل السلام والمحبة بين البشر":

(كذلك عالج الفقر من طريق آخر غير طريق الزكاة والصدقات ... عالجه من طريق الكسر من حدة الشهوة والكف من سَورة الطموح والغض من إشراف الطمع فرغَّب الغني في الزهد وأمر الواجد بالقناعة ومدح الفقير بالتعفف.
لو أن كل مسلم أدى حق الله في ماله، ثم استقاد لأرْيَحِيّة طبعه وكرم نفسه فأعطى من فضل وواسى من كَفَاف وآثر من قلة لكان ذلك عَسِيَّاً أن يُقر السلام في الأرض ويُشيع الوئام في الناس فتهدأ ضلوع الحاقد وترقأ دموع البائس ويسكن جوف الفقير ويذهب خوف الغنى ويتذوق الناس في ظلال الرخاء سعادة الأرض ونعيم السماء).

اللغويات:

الكسر : أي التخفيف - حدة : قوة ، شدة ، سورة - الشهوة : الرغبة الشديدة ، الاشتهاء ج شهوات ، أشهية ، شُهى - الكف : الامتناع ، الإحجام × التمادي - سَورة : شدة ، حدة - الطموح : التطلّع إلى الأفضل × الرضوخ - الغض : الكف ، الخفض - إشراف : أي سيطرة - الطمع : الجشع ج أطماع - رغَّب في : حبب × رغب عن ، كرّه - الزهد : التنسك ، الترفع عن متع الدنيا - الواجد : أي المالك - القناعة : الرضا بالقليل × الطمع - مدح : شكر ، أثنى × ذم ، قدح - التعفف : ترك السؤال والكف عنه - استقاد : خضع ، انصاع × عصى - أرْيَحِيّة : كرم ، سخاء ، جود × بخل - طبع : سجية ، خُلق ، عريكة ج طِباع - كرم : جود ، سخاء × بخل - فضلٍ : إحسان ، معروف ، كرم - واسى : عزّى ، صبّر - كَفَاف : ما يكفي من العيش دون زيادة أو نُقصان - آثر : فضّل × استأثر ، اختص - عَسِيَّاً : جديراً ، خليقاً - يُقر : يستقر - السلام : الوئام والوفاق - يُشيع : ينتشر ، يتفشى × ينحسر ، يتلاشى - الوئام : الألفة ، الوفاق ، الانسجام - تهدأ : تسكن - ضلوع : جوانح م ضلع - الحاقد : الناقم ، الضاغن ، الآحن ج الحَقَدَة ، الحاقدون - ترقأ : تنقطع ، تجف ، تتوقف × تنهمر، تسيل - البائس : المحروم ، الفقير ، التعيس ج البُؤسَاء ، البائسون - يسكن : يهدأ - جوف : أي بطن - يسكن جوف الفقير: أي تشبع بطنه - يتذوق : يتلذذ بطعمه - ظلال : فيئ - الرخاء : الهناء ، سعة العيش ، الرفاهية ، اليسر × الضيق ، العسر - نعيم : طيب العيش ، رغد ، سعادة × جحيم ، بؤس.

الشرح:

كما عالج الإسلام مشكلة الفقر من طريق آخر غير الزكاة والصدقات هو محاربة الشهوات والتطلعات والمطامع الدنيوية فرغب في الزهد وأمر من يمتلك بضرورة القناعة ومدح الفقير المتعفف عن السؤال.

ويرى الكاتب أنه لو أدى كل إنسان حق الله المفروض في ماله (من إخراج للزكاة والصدقات)، ثم زاد في الفضل وأغدق من مال الله بكرم وسخاء وخفّف عن الفقراء وصبّرهم وفضّل غيره على نفسه لاستقرت الحياة بسلام على الأرض ولعاش الناس في محبة ومودة، ولأنتهي حقد الحاقدين ولتوقفت دموع البؤساء المنهمرة وما وجد الفقير الجائع ولا الغنى الخائف على ممتلكاته، ولعاش الناس في نعيم ورخاء لا ينتهي.

التذوق:


(طريق الزكاة والصدقات): تشبيه للزكاة والصدقات بطريق يسلكه من أراد أن يكتمل إيمانه.

(طريق الكسر من حدة الشهوة): تشبيه الكسر من حدة الشهوة بطريق آخر يسلكه أيضاً من أراد أن يكتمل إيمانه.

(الكسر من حدة الشهوة): استعارة مكنية فيها تصوير للشهوة بشيء مادي يكسر، وسر الجمال الصورة: التجسيم.

(الكسر من حدة الشهوة والكف من سَورة الطموح والغض من إشراف الطمع): كناية عن التحكم في النفس والرضا والقناعة.

(الكسر من حدة الشهوة والكف من سَورة الطموح والغض من إشراف الطمع): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس

(فرغَّب الغني في الزهد): نتيجة لما قبلها.

(فرغَّب الغني في الزهد وأمر الواجد بالقناعة ومدح الفقير بالتعفف): تعبيرات متتالية تدعو إلى تهذيب النفس والتخلي عن سطوة المال الشديدة.

(فرغَّب الغني في الزهد وأمر الواجد بالقناعة ومدح الفقير بالتعفف): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس

(الغني - الفقير): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(حق الله في ماله): كناية عن الزكاة والصدقات، وإضافة الحق لله؛ لبيان عظمة هذا الحق ووجوب القيام به.

(استقاد لأرْيَحِيّة طبعه): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب أريحية الطبع (الكرم) بإنسان يخضع وينقاد له، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وتوحي الصورة أن الإنسان فطر (خلق) على العطاء والكرم.

(كرم نفسه): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب النفس بإنسان كريم معطاء، وسر الجمال الصورة: التشخيص.

(أريحية طبعه - كرم نفسه): إطناب بالترادف يؤكد ويقوي المعنى.

(فأعطى من فضل وواسى من كفاف وآثر من قلة): كناية عن العطاء وحب الخير، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(فأعطى من فضل وواسى من كفاف وآثر من قلة): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(كَفاف - قلة): إطناب بالترادف يؤكد ويقوي المعنى.

(فضل - قلة): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(لكان ذلك عَسِيَّاً أن يُقر السلام في الأرض): نتيجة للشرط (لو أن كل مسلم أدى حق الله).

(يُقر السلام في الأرض ويُشيع الوئام في الناس): تعبير يدل على انتشار الأمن والأمان والمحبة في كل مكان طالما التزمنا بالشرائع الإلهية.

(يُقر السلام في الأرض ويُشيع الوئام في الناس): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(فتهدأ): الفاء تفيد: السرعة، ونتيجة لما قبلها.

(فتهدأ ضلوع الحاقد): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب ضلوع الحاقد بإنسان يهدأ، وسر الجمال الصورة: التشخيص، ويجوز أن تكون كناية عن الراحة والرضا.

(ضلوع): مجاز مرسل عن الصدر علاقته: الجزئية، وسر جمال الجاز: الدقة والإيجاز.

(ترقأ دموع البائس): كناية عن السعادة ونسيان الأحزان، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(يسكن جوف الفقير): كناية عن الشبع، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(يذهب خوف الغني): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب الخوف بإنسان يرحل، وسر الجمال الصورة: التشخيص، وتوحي بالشعور بالأمان.

(تهدأ ضلوع الحاقد وترقأ دموع البائس ويسكن جوف الفقير ويذهب خوف الغنى): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(جوف - خوف): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن.

(الفقير - الغني): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(يتذوق الناس سعادة الأرض ونعيم السماء): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب سعادة الأرض ونعيم السماء بطعام أو فاكهة حلوة يتذوقها الناس في ظل الرخاء الذي يحققه الإسلام بشرائعه.

(يتذوق الناس في ظلال الرخاء سعادة الأرض ونعيم السماء): أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (في ظلال الرخاء سعادة) للتخصيص والتوكيد.

(سعادة الأرض ونعيم السماء): محسن بديعي / ازدواج (سجع متوازن) يعطي جرساً موسيقياً وإيقاعاً محبباً للأذن، وله تأثير جميل في النفس.

(ظلال الرخاء): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب الرخاء بشجرة لها ظل وارف، وسر الجمال الصورة: التجسيم، وتوحي بانتشار الخير.

(سعادة الأرض): استعارة مكنية حيث صوّر الكاتب الأرض بإنسان سعيد فرِح، وسر الجمال الصورة: التشخيص.

(سعادة الأرض ونعيم السماء): العطف للتنويع.

(الأرض - السماء): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

وقفات هامة:

موضوع المقال: اجتماعي.

نوع الأسلوب: أدبي.

الاتجاه الأدبي: اتجاه المحافظين في النثر.

س1: ما خصائص اتجاه المحافظين.

  1. الحفاظ على سلامة الأداء وقوته.
  2. إحياء التراث.
  3. التأثر بأساليب القدماء.
  4. تمجيد الماضي والتغني به.
  5. معالجة مشكلات المجتمع.

س2: يمثل الزيات وبعض الأدباء مذهبا أدبياً وضح؟

مذهب المحافظين الجدد كطه حسين والعقاد والمازني.

س3: يقوم مذهب المحافظين الجديد على دعامتين اثنين اذكرهما.

الأول: الإفادة من أثار الفكر الغربي.

الثانية: العودة الى بلاغة القدماء في التعبير ويتسم بـ:

1. لإيجاز.

2. رصانة الفواصل وقصرها.

3. جمال اللفظ.

4. الوقع الموسيقي الساحر.

س4: كيف يتناول الزيات مفرداته وجمله وما أثر ذلك في أسلوبه؟

يميل الى تنسيق المفردات والجمل والعبارات عاملة وتوازنها (فالمفرد يقابله المفرد والجملة تليها الجملة) وأثر ذلك انه يضفي على الاسلوب نوعاً من جمال الإيقاع وحسن التأثير.

س5: ألفاظ الزيات معبرة وصوره موحية ضح؟

نراه يخط بكلماته ما يبدعه الفنان بريشته كما في تصويره كفاح الإسلام للفقر بكفاح المجاهدين.

س6: بم تميز الخيال عند الزيات؟

يمتاز بالعذوبة والجمال ودقة العاطفة والدقة في وضع الصورة في المكان المناسب ويميل الى الابتكار مثل قوله غوائل الفقر - جرائر الجوع، ويظهر في صورة أثر الثقافة الدينية الواضحة مثل قوله: هذا الكتاب المحكم.

س7: كيف ظهرت الموسيقا في النص؟

ظهرت هادئة في الفواصل الجميلة غير المفتعلة المتمثلة في الازدواج وفي السجع غير المتكلف بين العبارات والجمل (تضرية الغرائز - تمزيق العلائق) وقوله (معاناة الغزو - ومكابدة الحرمان) وهي موسيقى هادئة غير مفتعلة.

س8: ما الخصائص الفنية لأسلوب الزيات؟

1 - فكره واضحة وسامية.
2 - يميل إلى الإطناب واستيفاء الفكرة.
3 - الاعتماد على التصوير لإبراز فكره، وله تشبيهات مبتكرة.
4 - يستخدم اللفظة في مكانها الملائم فتشع إيحاءات ودلالات تبرز فكرته وأحاسيسه.
5 - يستخدم أحاسيسه، ويصور نفسه في كتاباته.
6 - له أُسلوب خاص ليس بالمرسل ولا بالمسجوع المقيد بقيود السجع أو التكلف اللفظي.
7 - عباراته عربية سليمة ناصعة الفصحى فهي محررة اللفظ دقيقة الاختيار.
8 - الاعتماد على الموسيقى النابعة من تقطيع الجمل تقطيعاً متوازياً (الازدواج)، واستخدام السجع غير المتكلف.

س9: ما الخصائص الشخصية للزيات؟

  1. الحس المرهف.
  2. الموهبة البيانية الكبيرة سعة الثقافة.
  3. الإلمام بثقافة التراث وفهم معانيه.

س10. علل يمثل هذا المقال الآدب الاجتماعي؟

لأنه يتحدث عن قضية اجتماعية هامة هي قضية علاج الفقر وتجفيف منابعه.