لمحة بلاغية: (التشبيه)

التشبيه: هو عقد مشاركة ومماثلة بين شيئين (المشبه والمشبه به) في صفة مشتركة بينهما او عدة صفات تسمى (وجه الشبه) بواسطة أداة ملفوظة او ملحوظة تسمى (أداة التشبيه).

أو هو إلحاق أمر (المشبه) بأمر أخر (المشبه به) في صفة مشتركة (وجه الشبه) بواسطة أداة ملفوظة او ملحوظة (اداة الشبه).

مثال: يقول الأعشى في وصف محبوبته:

كأن مشيتها من بيت جارتها *** مر السحاب لا ريث ولا عجل

1. المشبه هي محبوبته.

2. المشبه به السحابة.

3. وجه الشبه (المشية) (لا ريث ولا عجل).

4. أداة التشبيه (كان).

يسمى هذا النوع من التشبيه بالمفصل لأنه أتى بجميع أركان التشبيه.

مثل: محمد كالأسد في الشجاعة.

البنت كالقمر في الجمال.

أركان التشبيه:

1. مشبه: وهو الشيء المقصود بالوصف لبيان قوته او جماله او قبحه (وتكون الصفة فيه أقل وضوحاً في الغالب من الشبه به).

2. مشبه به: وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ليعطي للمشبه القوة او الجمال او القبح وغالباً تكون الصفة فيه أوضح من المشبه.

3. وجه الشبه: وهو الوصف الذي يستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه والمشبه به، او هو الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه والمشبه به.

4. أداة التشبيه: هي الرابط بين الطرفين.

أدوات التشبيه الملفوظة:

1. قد تكون حرفاً كـ (الكاف - كأن).

2. قد تكون اسماً كـ (مثل - شبه - نظير).

3. قد تكون فعلاً كـ (يحاكي - يشبه - يماثل).

الجندي كالأسد في الشجاعة. مشبه أداة تشبيه مشبه به وجه الشبه.

المشبه + أداة التشبيه + المشبه به + وجه الشبه.

يسمى (المشبه والمشبه به) طرفا التشبيه (وهما ركنان أساسيان) لا يمكن الاستغناء عنهما.

(أداة التشبيه ووجه الشبه (ركنان ثانويان) اي يمكن الاستغناء عنهما).

أنواع التشبيه:

مفصل - مجمل - بليغ - تمثيلي - ضمني.

أ. أولاً: التشبيه المفرد: وهو تشبيه لفظ بلفظ:

أنواع التشبيه المفرد:

1. شبيه مفصل: عندما تذكر فيه الأركان الأربعة.

مثل: العلم كـ النور يهدي كل من طلبه. (العلم) مشبه (كـ) أداة تشبيه (النور) مشبه به (يهدي) وجه الشبه.

مثل: الحضارة تنير الطريق كالشمس. الحضارة (مشبه) والإنارة (وجه الشبه) والأداة (الكاف) والشمس (المشبه به).

2. تشبيه مجمل: وهو ما حذف منه وجه الشبه او أداة التشبيه.

وهو الذي يذكر فيه ثلاثة أركان من أركان التشبيه: هو على طريقتين إما حذف أداة التشبيه او حذف وجه الشبه:

1. حذف أداة التشبيه: المؤمن أسد في القوة - الإسلام شمس في الهداية - الجندي أسد شجاع.

2. حذف وجع الشبه: المصري كالأسد - مثل: العلم كالنور (حذف وجه الشبه).

(العلم) مشبه و (الكاف) الأداة و(النور) مشبه به.

مثل: العلم نور يهدي كل من طلبه (حذفت أداة التشبيه).

(العلم) مشبه (النور) مشبه به (يهدي كل من طلبه) وجه الشبه.

3. تشبيه بليغ: وهو ما حذف منه وجه الشبه والأداة، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه والمشبه به.

مثل: الجهل موت والعلم حياة.

الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ:

أ. صورة المبتدأ والخبر:

مثل: العلم نور (العلم) مشبه (نور) مشبه به.

مثل قول شوقي (نفسي مرجل وقلبي شراع *** بهما في الدموع سيري وأرسي)

ب. المفعول المطلق المبين للنوع:

مثل: أسرع اللاعب إسراع الفهد.

تألفت الفتاة تألق البدر.

(إسراع اللاعب) مشبه - (إسراع الفهد) مشبه به.

ج. إضافة المشبه به الى المشبه: المضاف (المشبه به) والمضاف اليه (المشبه):

مثل: الله يهدي الضال بنور العلم.

قرأت كتاب الحياة.

مفتاح الفرج.

(نور) مشبه به (العلم) مشبه.

مثل: كتاب الحياة - ذهب الأصيل - لجين الماء. (الأصيل) وقت الغروب - واللجين (الفضة).

أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.

د. الحال وصاحبها:

مثل: وقف الجندي صخرة امام العدو - تألق اللعب نجما - انطلق اللاعب على الكرة صاروخا.

(الجندي) مشبه و (صخرة) مشبه به.

ه. اسم الفعل او الحرف الناسخ وخبرها: مثل: (كان وأخواتها وإن وأخواتها).

مثل: إنك شمس.

كان المصري أسدا.

و. المفعولين للأفعال التي تنصب مفعولين: أصلهما المبتدأ والخبر مثل: (أفعال الرجحان - واليقين - والتحول).

مثل: ظن الجبان الفأر أسدا.

وجدت الكتاب صديقاً.

جعل الصبر المؤمن حديداً.

تذكر:

  • الركنان الأساسيان في أركان التشبيه الأربعة هما: (المشبه والمشبه به) وإذا حذف أحدهما أصبحت الصورة استعارة فالاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه.
  • أما أداة التشبيه ووجه التشبيه فهما ركنان ثانويان حذفهما يعطي التشبيه جمالاً أكثر وقوة.

ب. ثانياً: التشبيه المركب:

1. هو تشبيه موقف كامل بموقف كامل او تشبيه حالة بحالة او هو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من عدة صفات او أجزاء.

مثل: انقض اللاعب على الكرة كما ينقض الوحش على الفريسة.

هنا صور حال اللاعب وهو ينقض على الكرة بحال الوحش وهو ينقض على الفريسة.

مثل: قال تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف).

هنا صور أعمال الكافر الباطلة في عدم فائدتها وأنها لا أثر لها ولا يمكن الاعتماد عليها يوم القيامة بحال الرماد الذي يتطاير في يوم شديد الهواء فوجه الشبه هنا صورة مركبة من عدة أشياء.

مثل: قال رسول الله (ص): (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وقول علي الجارم في العروبة: توحد حتى صار قلباً تحوطه **** قلوب من العرب الكرام وأضلع

حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع.

قال تعالى في شأن اليهود: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً).

حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حملوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً فهي بالنسبة إليه لا تعدو كونها ثقلاً يحمله.

قال عبد الله بن المعتز يصف الهلال: انظر إليه كزورق من فضة **** قد أثقلته حمولة من عنبر

فقد شبه صورة الهلال المقوس اللامع في السماء الزرقاء بصورة الزورق الفضي وحوله المياه الزرقاء وجه الشبه: صورة شيء مقوس أبيض، ويحيطه شيء أزرق.

قال الشاعر يصف الشمس حين طلوعها: ولا حت الشمس تحاكي عند مطلعها **** مرآة تبر بدت في كف مرتعش

فقد شبه لنا صورة الشمس أثناء طلوعها بصورة مرآة ذهبية حمراء وهي تضطرب في كف مرتعشة.

وجه الشبه هنا ليس هو اللمعان ولا اللون الأحمر فقط وإلا اضطراب فقد وإنما هو صورة مركبة من اللون الأحمر الذهبي اللامع المضطرب معاً وفي وقت واحد.

2. تشبيه ضمني:

وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولا يصرح فيه بالمشبه والمشبه به بل يفهم ويلمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ولذلك سمي بالتشبيه الضمني، وغالباً ما يكون المشبه قضية او ادعاء يحتاج للدليل او البرهان، ويكون المشبه به هو الدليل او البرهان على صحة المعنى.

باختصار التشبيه الضمني قضية وهي (المشبه) والدليل على صحتها (المشبه به).

مثل: قال المتنبي في الحكمة: من يهن يسهل الهوان عليه **** ما لجرح بميت إيلام

فقد شبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً وتهون عليه كرامته ولا يتألم ولا يمسها بمثل حال الميت يجرح جسده فما يشعر بالألم ولا يحس لأنه فقد أحاسيس الحياة وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.

مثل: قال الشاعر في الحكمة: اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله **** فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكل

فقد شبه الحسود إذا صبرت عليه وعلى حسده وسكت عنه وتركته في غيظه بصورة النار عندما تأكل وتحرق الحطب ولا تجد شيئاً تحرقه تعود لتحرق بعضها البعض؟

وجه الشبه: صورة شيء يترك فلا يلحق الأذى بغيره بل بنفسه وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.

قال المتنبي: وأصبح شعري منهما في مكانه **** وفي عنق الحسناء يستحسن العقد

فقد شبه حال الشعر يثنى به على الرجل الكريم فيزداد الشعر جمالاً لحسن موضعه بحال العقد الثمين يزداد بهاء في عنق الفتاة الحسناء.

وجه الشبه: زيادة جمال الشيء لجمال موضعه فالشاعر عنا يقوي حجته في الشطر الأول عن طريق البرهان والدليل على صدق كلامه في الشطر الثاني.

قال ابو تمام: لا تنكري عطل الكريم من الغنى **** فالسيل حرب للمكان العالي

فقد شبه حال خلو الرجل الكريم من الغني وذلك ليس عجيباً بحال قمم الجبال وهي أشرف الأماكن وأعلاها لا يستقر فيها ماء السيل.

وجه الشبه: حال شيء لا يعيبه افتقاره لشيء أخر فالشاعر هنا يقوي حجته في الشطر الأول عن طريق البرهان والدليل على صدق كلامه في الشطر الثاني.

تذكر: التشبيه الضمني لا تذكر قيه أداة التشبيه أبداً، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه "مثل".

سر جمال التشبيه:

1. التشخيص: إذا كان المشبه جماد او غير عاقل والمشبه به إنسان الذي يعطي صفة الإنسان لغير الإنسان.

مثل: تتلألأ الزهرة كعروس ليلة زفافها.

2. التجسيم: إذا كان المشبه شيء معنوي (غير مادي) والمشبه به مادي محسوس.

مثل: العلم نور.

الموت كالوحش المفترس.

3. التوضيح: إذا لم يكن هناك تجسيم او تشخيص (عاقل بعاقل - عاقل بغير عاقل - مادي بمادي - معنوي بمعنوي - مادي بمعنوي).

مثل: كأنك شمس والملوك كواكب **** إذا طلعت لم يبد منهم كوكب

تذكر: سر جمال التشبيه (التمثيلي - الضمني) دائماً التوضيح.