الدرس الخامس: مشكلات اجتماعية ذات بعد سياسي
يوجد على المسرح السياسي الدَّوْليّ العديد من الحركات الاجتماعية التي تأخذ أشكال متعددة منها:
- الحركات القومية الانفصالية.
- والحركات المناهضة للتفرقة العنصرية.
- والتي تبحث عن حقوق الأقليات.
- والتي تدعو إلى العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وغيرها من الحركات الاجتماعية.
وفيما يلي عرض لبعض المشكلات الاجتماعية التي تشهدها الساحة السياسي العالمية ومنها:
- مشكلة الأقليات.
- والهجرة (الإجبارية والغير شرعية).
أولاً: الأقليات
ولقد أدت حركة السكان منذ فجر التاريخ عبر الأوطان والأقاليم والقارات إلى:
- اختلاط السكان.
- وبالتالي لم يعد هناك شعب نقي.
- حيث اكتسب كل شعب دماء جديدة وعناصر جنسية وقومية وثقافية وافدة على هذا الشعب.
- وبالتالي تضم غالبية الدول أقليات.
مفهوم الأقليات: مجموعات بشرية قليلة العدد ذات خصائص تختلف عن مثيلاتها في مجتمع الأكثرية.
أنواع الأقليات
(الأقليات القومية - الأقليات الدينية - الأقليات اللغوية - الأقليات العرقية)
1- الأقليات القومية
- لقد أسفر عن تفكك الاتحاد السوفيتي السابق عدة دول مستقلة منها روسيا الاتحادية والتي أساسها القومية الروسية، وداخلها قوميات (أقليات) كانت تشكل الاتحاد السوفيتي السابق.
- كما أن باقي الدول التي انفصلت بها أقلية روسية.
- كما أسفر عن تفكك يوغوسلافيا عدة دول ويوجد في كل دولة أقلية قومية.
حيث يوجد:
- في مقدونيا وصربيا أقلية ألبانية.
- وفي البوسنة والهرسك أقليات صربيية وكرواتية.
2- الأقليات الدينية
- ومن أمثلتها الأقليات المسلمة في دول أوربا وأمريكا الشمالية والجنوبية.
- والأقليات المسيحية في العالم العربي تقريباً.
- وكذلك كل أتباع الأديان السماوية في دول مثل: الصين واليابان وكوريا والهند.
- ولا تمثل الأقليات الدينية مشكلة في الدولة الا حرمت من الحقوق التي تمارسها الأغلبية.
3- الأقليات اللغوية
- تعد اللغة أهم عناصر تكون القوميات في العالم أي الوعاء الثقافي للأمم.
- وتحرص كل دولة في العالم أن يسود فيها لغة رسمية واحدة.
- وتعد الأقليات اللغوية أقل أنواع الأقليات انتشاراً على خريطة العالم.
- على الرغم من تعدد اللغات التي يتحدثها سكان العالم.
وتلجأ بعض الدول:
- للاعتراف بحرية الأقليات في استخدام لغتها القومية خوفاً من مطالبة تلك الأقليات بالاستقلال عن الدولة، مثل الأكراد في شمال العراق في الوقت الحالي.
- لكن بعض الدول تمنع استخدام الأقليات للغاتها كما هو الحال في إيطاليا حيث ترفض استخدام الأقلية النمساوية للغتها، وتلزمها باستخدام اللغة الإيطالية في جميع مجالات الحياة.
4- الأقليات العرقية
- كل قارة من قارات العالم، بها أفراد ينتمون أساساً لعرق أو سلالة معينة وأقليات من سلالات أخرى.
- ولا يمثل العرق أو السلالة مشكلة سياسية إلا حينما تظهر مشكلة التمييز العنصري بين أفراد وشعب دولة معينة.
- فعلى سبيل المثال:
- الزنوج في العالم الجديد بالكامل بمثابة أقلية عرقية وكانت تمارس ضدهم تفرقة عنصرية شديدة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
- كما أن البيض القوقازيين في كل إفريقيا جنوب الصحراء بمثابة أقليات بيضاء وسط شعوب القارة الإفريقية السمراء خاصة في جنوب إفريقيا.
حقوق الأقليات
اهتمت العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية بحقوق الأقليات خاصة في السنوات الأخيرة.
ومنها منظمة الأمم المتحدة التي أصدرت:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م.
- والذي اهتم بقضية التمييز بين البشر وبحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- وتضمن كافة الضمانات الدولية للأفراد.
- وخاصة نص المادة 27 من الإعلان التي تنص صراحة في وثيقة منفصلة على ما يلي:
"لا يجوز في الدول التي توجد فيها أقليات عرقية أو دينية أو لغوية أن يحرم الأشخاص المنتمون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة وإقامة شعائرهم أو استخدام لغتهم".
- ومن الجدير بالذكر أن دستور كل دول العالم به نص يعالج حقوق الأقليات داخل كل دولة بعدم التمييز بين أفراد الدولة الواحدة على أساس من اللون أو الدين أو اللغة.
المشكلات التي تعاني منها الأقليات:
- تظهر في بعض دول العالم مشاكل متعلقة بالأقليات سواء اللغوية أو الدينية أو العرقية.
- وكان أشهرها قضية التفرقة العنصرية.
- والتي تعد من أبشع صور التمييز الذي تتعرض له أقلية، كما كان في:
- الولايات المتحدة الأمريكية إلى عهد قريب:
- حيث حصلت الأقلية الزنجية على حقوقها المدنية عام 1968 م.
- بعد صراع طويل وتضحيات بشرية وظلم.
- ورغم حصول الأقلية الزنجية على حقوقها المدنية إلا أن هذه المشكلة تظهر على السطح من آن لآخر في بعض الأحداث.
- وكذلك الحال في دولة جَنُوب إفريقيا:
- حيث حصلت الأغلبية السوداء على حقوقها منذ عام 1994م.
والتفرقة العنصرية في دولة جَنُوب إفريقيا تختلف عن نظيرتها في الولايات المتحدة من ناحيتين:
جَنُوب أفريقيا | الولايات المتحدة |
|
|
أثر الأقليات على استقرار الدولة:
تؤدي المشكلات التي تتعرض لها الأقليات أو التي تثيرها الأقلية لدوافع مختلفة، إلى مشاكل سياسية قد تؤثر على استقرار الدول وتماسكها السياسي ويتوقف ذلك على عدة عناصر هي:
(التوزيع الجغرافي للأقلية - وطن الأقلية - الخصائص القومية - حجم الأقلية وقوتها).
1- التوزيع الجغرافي للأقلية
- يعني مدي انتشار الأقلية في الدولة وتركيزها الجغرافي.
- فلو كانت الأقلية منتشرة ومبعثرة في أنحاء الدولة وسط الأغلبية يكون تأثيرها محدوداً أو حتى معدوماً خاصة في حالة مطالبتها بالانفصال عن الدولة الأم.
- أما إذا كانت مركزة جغرافياً في مكان ما في الدولة خاصة على أطراف الدولة. هنا تكون مطالبها خطراً على استقرار الدولة.
- خاصة إذا كانت هناك قوي مجاورة تشجع هذه الأقلية في مطالبها مثال ذلك:
- الباسك في إسبانيا.
- وسكان تيمور الشرقية في إندونيسيا.
2- وطن الأقلية
- تكون الأقلية مثيرة لمشكلات سياسية حال وجود وطن للأقلية عاشت فيه وتشكلت داخله ملامحها.
- خاصة إذا كان هذا الوطن على أطراف الدولة.
- مثال ذلك الأكراد على أطراف الدول التي يتوزعون عليها (إيران والعراق وسوريا وتركيا).
3- الخصائص القومية للأقلية
- ويقصد بها الصفات الخاصة التي تميز الأقلية عن الأغلبية.
- وقد يكون هذا في اللغة أو الدين أو العرق.
- وبالطبع فإن الأقلية تستميت في الدفاع عن هويتها التي تميزها عن الأغلبية خاصة وقت الأزمات.
- وتكون مطالبها إما الانفصال عن الدولة الأم أو الحصول على حقوقها.
4- حجم الأقلية وقوتها الاقتصادية
- يتوقف أثر المشكلات السياسية التي تثيرها الأقلية على حجمها من مجموع السكان وقوتهم الاقتصادية.
- فقد كان البيض في دولة جَنُوب إفريقيا أقلية لكنهم يسيطرون على حوالي ثلاثة أرباع اقتصاد الدولة، وما زال جزء كبير من اقتصاد الدولة في أيديهم.
ثانياً: الهجرة الإجبارية وغير الشرعية
الهجرة الإجبارية (القسرية):
تعني تعرض الإنسان رغم إرادته للهجرة خارج أو داخل الوطن الذي يأويه.
أسبابها:
وقد تكون الهجرة الجيرية داخل الأوطان لأسباب شتى منها:
- حدوث الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو الزلازل.
- أو لدوافع قومية أسمى مثل تهجير أهالي النوبة من منطقتهم جَنُوب أسوان إلى أماكن أخرى بسبب إنشاء السد العالي.
- أو نتيجة لصراعات ونزاعات مسلحة سواء دولية أو محلية (الحروب الأهلية).
الأمر الذي يضطر بعض السكان إلى الهجرة القسرية إلى دول الجوار حتى تحريره وهو ما يطلق عليهم (اللاجئون).
ومن أمثلة ذلك الصراع بين اليهود والفلسطينيين في فلسطين:
- بين من يدعون أن فلسطين هي وطنهم الموعود.
- وبين أصحاب الأرض الحقيقيين.
- وقد شجعت القوة الاستعمارية اليهود على إقامة وطن لهم في فلسطين.
- وما زالت هذه القوة تساندهم بكل أنواع المساندة.
- والأمر الذي يترتب عليه تهجير الفلسطينيين قسراً إلى خارج وطنهم.
الهجرة غير الشرعية (غير الرسمية):
انتقال شخص من دولة إلي أخري بغير من غير المنافذ الرسمية للدول دون اتباع الطرق القانونية التي تنظم انتقال الأفراد بين الدول.
ومن أمثلتها:
- هجرة من العالم النامي وخاصة الأفارقة إلى الاتحاد الأوربي.
- كما تشهد دول الخليج هجرة غير شرعية من قبل أعداد غفيرة من جَنُوب شرق آسيا.
- وقد شهدت ظاهرة الهجرة غير الشرعية ارتفاعاً ملحوظاً مع نهاية القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين نتيجة تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
- وتطور هذه الظاهرة أصبح هاجساً يشغل معظم الدول نظراً للانعكاسات السلبية على المجتمع في مختلف الجوانب.
والتي تتمثل في:
الآثار السلبية للهجرة غير الشرعية
الجانب الأمني والسياسي:
تدفق المهاجرين غير الشرعيين للدولة يعد:
- منبع تهديد فهو مرتبط دائماً بأشكال مختلفة من الجريمة المنظمة.
- كما تسهل للمنظمات الإجرامية والعصابات المعادية بالتوغل إلى داخل البلاد أو العكس (إفلات الإرهابيين).
- بالإضافة لتنامي الصراعات القبلية الطائفية بين المهاجرين.
الجانب الاجتماعي:
- حيث تخل بالتوازن الديموغرافي للدولة التي يفدون إليها مهددة بذلك مواطني الدولة أو المنطقة.
- كما أن تعدد الجنسيات ينتج به انتشار بعض العادات المخالفة لقيم المجتمع.
الجانب الاقتصادي:
- إن الأعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين في الدولة يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية.
- حيث أصبحوا يشكلون أيدي عاملة رخيصة تتزايد وتؤدي إلى سوق العمل غير الشرعي.
- مما يؤثر سلباً على الأيدي العاملة المحلية.
الجانب الصحي:
- حيث تؤدي الهجرة غير الشرعية إلى نقل الأوبئة والأمراض الفتاكة سريعة الانتشار.
- مما يشكل تهديداً فعلياً للمناطق التي يفد إليها الأفراد.