باسم الشهداء "شعر" فاروق شوشة

الشاعر هو فاروق شوشة: من مواليد 1936، من شعراء الجيل الثاني من المدرسة الواقعية تولى عدة مناصب بالإذاعة المصرية كما شغل منصب أمين عام مجمع اللغة العربية.

مناسبة النص: يتحدث فيه الكاتب عن شهداء ثورة 25 يناير 2011 وتضحياتهم.

بِاسْمِ الأَحْرَارِ الشُّرَفَاءْ

أَنْبَلِ مَنْ أنْبَتَهُمْ هذا الوَطَنُ الغَالِي مِنْ أَبْنَاءْ

بِاسْمِ جُمُوعٍ صَدَّتْ غُولَ المَوْتِ

وَدَاسَتْ طَاغُوتَ الظَّلْمَاءْ

بِاسْمِ شَبَابٍ رَفَعُوا الرَّايَةَ فَامْتَدَّتْ

طَالَتْ كُلَّ الأعْنَاقْ

وضَجَّتْ كلُّ الأصْواتْ

هاتِفَةً هَادِفَةً قَدْ صَارَ لِهَذا الوَطَنِ سَمَاءْ

رُوحٌ عَارِمةٌ ويَقينٌ حُرٌّ مُنْطَلِقٌ

وزِحَامٌ وفَخَارٌ وإبَاءْ

أَسْوَارٌ رَاحَتْ تَتَهَدَّمْ

وبِنَاءٌ يَسْقُطُ فَوْقَ بِنَاءْ

بِاسْمِكُمُ يَا أَنْبَلَ مَنْ أَنْبَتَهُمْ

هَذَا الوَطَنُ الغَالِي مِنْ أبْنَاءْ

بِاسْمِ الأَرْضِ..

وبِاسْمِ العِرْضِ..

وبِاسْمِ المِسْكِ الصَّاعِدِ

مِنْ أنْقَىْ مُهَجٍ وَدِمِاءْ

فِي لَحْظَةِ صِدْقٍ وَوَفَاءْ

لا. . لَنْ يَخْفَت هَذَا الصَّوْتُ

ولَنْ تَتَرَاجَعَ هَذِىْ الصَّيْحَةُ

لنْ تَتَلاشَىْ هَذِىْ الأصْدَاءْ

لنْ نَرْجِعَ ثانيَةً أبَداً لِكُهُوفِ الظُّلْمَةِ وَالبَغْضَاء

بِاسْمِ الشُّهَدَاءْ، بِاسْمِ الشُّهَدَاءْ

الشرح:

يقسم الشاعر باسم الشباب النبلاء شهداء الوطن اعترافاً بفضلهم ومكانتهم ويؤكد أنهم أعظم أبناء هذا الوطن العظيم فهم الذين واجهوا الموت ببسالة ليقضوا على الظلم والفساد ورفعوا راية الوطن عالية خفاقة لتعلو فوق الأعناق وارتفعت أصوات الجميع مؤكدة استعادة الوطن لحريته ثم يؤكد أن هؤلاء الشباب كانوا على يقين وعزة وكرامة فازدحم الميدان بالشباب يحملون كل العزة والكرامة فتساقطت اسوار الظلم والطغيان وتساقط الفاسدون والظالمون ثم يعود للقسم باسم هؤلاء الشباب الشرفاء الأحرار.

ثم يقسم الشاعر باسم الأرض الطاهرة التي روتها دماء الشهداء وباسم الشرف الذي عاد بعد سنوات الضياع باسم الدماء الطاهرة المنبعثة كرائحة المسك الطاهر في لحظة صدق وإخلاص لهذا الوطن العظيم.

ثم يختتم قصيدته بالتعهد للشباب باستمرار الكفاح وبعدم العودة لعصور الظلم والاستبداد.

من اللمحات الفنية والجمالية:

(بِاسْمِ الأَحْرَارِ الشُّرَفَاءْ): براعة استهلال للتشويق وإثارة الذهن.

(أنبل من أنبتهم): استعارة مكنية، حيث صور الشاعر الوطن بأرض خصبة والابناء بنبات طيب يخرج من هذه الأرض؛ ليوحي بعمق الروابط والجذور والانتماء بين الوطن وأبنائه.

(أنبل): استخدام اسم التفضيل يدل على سمو هؤلاء الأحرار وقمة العظمة التي هم عليها.

(أنبل - أنبت): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً يطرب الأذن.

وصف (الوطن) بـ(الغالي) يدل على قيمة الوطن السامية في النفوس التي تجعلنا نبذل الغالي والنفيس من أجله.

(باسم جموع صدت غول الموت): أسلوب إنشائي غير طلبي / قسم يؤكد عظمة وروعة دور ثوار يناير الذين تصدوا لفساد ما قبل 25يناير.

(غول الموت): تشبيه للموت بالغول المخيف الذي قهره شباب الثورة، وسر جمال الصورة: التوضيح، وتوحي الصورة بسوء الحال الذي سبق الثورة.

(جموع صدت غول الموت): كناية عن شجاعة وصلابة وثبات الثوار، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم

(شباب رفعوا الراية): كناية عن تزعمهم للثورة وشجاعتهم، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(الراية امتدت طالت كل الأعناق): كناية عن الشموخ والعزة والكرامة وأن الوطن فوق الجميع، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(ضجت كل الأصوات): كناية عن السخط والغضب العارم، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(ضجت كل الأصوات هاتف - هادفة): استعارة مكنية تصور الأصوات بأشخاص تصيح وتهتف وتتجه بقوة لتحقيق أهدافها (صورة ممتدة للأصوات)، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(هاتف - هادفة): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً يطرب الأذن.

(قد صار لهذا الوطن سماء): أسلوب مؤكد بـ(قد) مع الفعل الماضي، وأسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (لهذا الوطن) يفيد التأكيد والتخصيص.

(صار لهذا الوطن سماء): استعارة مكنية، حيث شبه الشاعر الوطن ببناء له سقف، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بأن الثورة حماية للوطن من الضياع في مستنقع الفساد.

(سماء): استعارة تصريحية، حيث شبه الشاعر الحرية بالسماء التي تظللنا، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بالحماية والأمان.

(أسوار راحت تتهدم) استعارة تصريحية، حيث شبه الاستبداد والظلم بأسوار تتهاوي وتنهار على يد الثورة، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بنجاح الثورة وتلاشي الظلم، ويجوز أن تكون كناية عن القضاء على الظلم.

(بناء يسقط فوق بناء): استعارة تصريحية، حيث شبه الاستبداد والظلم ببناء يتهاوى وينهار، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي بنجاح الثورة وتلاشي الظلم، ويجوز أن تكون كناية عن القضاء على الظلم والمفسدين.

(باسمكم يا أنبل من أنبتهم): أسلوب إنشائي غير طلبي / قسم يؤكد تعظيم وإجلال الشاعر للأبناء الأطهار الذين حاولوا القضاء على الظلم.

(يا أنبل من أنبتهم): أسلوب إنشائي طلبي / نداء غرضه: التعظيم.

(أنبل من أنبتهم): استعارة مكنية، حيث صور الشباب الشرفاء بالنبات الطيب الذي يخرج من الأرض الطاهرة، وسر جمال الصورة: التوضيح، وتوحي الصورة بطهر ونقاء هؤلاء الشباب.

(أنبل - أنبت): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً يطرب الأذن.

(روح - يقين - فخر - إباء): جاءت هذه الكلمات نكرة للتعظيم.

(أسوار - بناء): نكرة للتحقير.

(تتهدم - يسقط): أفعال مضارعة أفادت التجدد والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن.

(باسم الأرض): أسلوب إنشائي غير طلبي / قسم يؤكد تعظيمه لأرض الوطن.

(باسم العرض): أسلوب إنشائي غير طلبي / قسم يؤكد سمو التضحية المبذولة من أجل الوطن.

(الأرض - العرض): محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً يطرب الأذن.

(باسم المسك الصاعد): كناية عن الشهداء الأطهار، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم، وأسلوب قسم يؤكد تعظيمه للشهداء.

(المسك): استعارة تصريحية، حيث صور رائحة دماء الشهداء الأطهار بالمسك، والصورة توضح عظمة هؤلاء الشهداء، وفي الصورة تأثر بالحديث الشريف: (والذي نفسي بيده لا يكلم (يُجرح) أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك).

(من أنقى مهج ودماء): تعبير يوحي بعظمة وطهر شهداء الثورة، واستخدام اسم التفضيل (أنقى) يوحي بسمو ورفعة الشهداء.

(مهج ودماء): نكرتان للتعظيم، والجمع للكثرة.

(أنقى مهج): مجاز مرسل علاقته: الجزئية حيث ذكر الجزء (المهج) وأراد الكل (الشهداء)، وسر جمال المجاز المرسل: الدقة والإيجاز.

(لن يخفت هذا الصوت) - (لن نتراجع) - (لن تتلاشى) (لن نرجع) تكرار النفي يفيد التوكيد توكيد عدم السكوت والتراجع أو الرجوع إلى عصور الظلام والظلم، والنفي بـ (لن): يفيد نفي الفعل في المستقبل.

(لن يخفت هذا الصوت): استعارة مكنية، حيث صور الصوت بإنسان قوي شجاع في التعبير عن ثورته دون خوف، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي الصورة بقوة الثورة واستمرارها.

(لن تتراجع هذي الصيحة): استعارة مكنية، حيث صور الصوت بإنسان مقدام جسور في التعبير عن ثورته دون خوف، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي الصورة بقوة الثورة واستمرارها وعدم التراجع أمام الطغاة.

(لن نرجع لكهوف الظلمة والبغضاء): تشبيه للظلمة والبغضاء بالكهوف، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي الصورة بسوء أحوالنا قبل الثورة.

(يخفت - تتراجع - تتلاشى - نرجع): أفعال مضارعة أفادت التجدد والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن.

(باسم الشهداء.. باسم الشهداء): أسلوب قسم للتوكيد، وتكرار القسم في ختام القصيدة يدل علي علو مكانتهم وعظم شأنهم.

التعليق الأدبي البلاغي:

س1: ما أهم سمات أسلوب الشاعر؟

  1. استعمال اللغة الموحية الموجزة.
  2. استعمال الرمز.
  3. التأثر بالحديث الشريف.
  4. الاعتماد على الصورة الكلية
  5. استخدام التصوير الاستعاري والكناية.
  6. استخدام أسلوب النفي بصورة متكررة.
  7. الاعتماد على التفعيلة والسطر الشعري.
  8. استخدام بعض البديع غير المتكلف مثل الجناس الناقص.

س2: ما أهم ملامح شخصية الشاعر؟

  • له مذاقه الخاص في معجمه الشعري وتراكيبه اللغوية.
  • لديه إحساس فطري بجمال الإيقاع.
  • يواكب تطور الشعر العربي.
  • واسع الثقافة.
  • محب لوطنه.
  • ذو شخصية أدبية متفردة.