الفصل الأول: الشخصية

أولاً: مفهوم الشخصية:

تتعد مفاهيم الشخصية في علم النفس، وتختلف فيما بينها وذلك باختلاف زوايا النظر إليها وهي:

1. مفهوم الشخصية كمثير:

الشخصية هي ما يمتلكه الفرد من مظاهر تؤثر على الأخرين او طبقاً لما قال به فلمنج من أن الشخصية هي مجموعة الأفعال التي تؤثر في الأخرين.

ومن الملاحظات على هذا المفهوم:

  • إهماله للتنظيم الداخلي للفرد.
  • يجعل حكمنا على الشخصية خاضعاً لاعتبارات السمعة والشكل الخارجي والتقديرات الخاطئة.

2. مفهوم الشخصية كاستجابة:

تتحدد شخصية الفرد في ضوء استجابته للمثيرات، وأسلوب توافقه مع الظواهر الاجتماعية في البيئة ".

ومن الملاحظات على هذا المفهوم:

  • أن استجابات الفرد وردود أفعاله للمثيرات والمواقف تختلف من فترة إلى فترة، ومن موقف إلى موقف برغم ثبات المثير أو الواقعة الاجتماعية أو العكس.
  • ومن ثم فإنه يصعب الوصول إلى حكم محدد وموضوعي على الشخصية في إطار ما سبق.

3. مفهوم الشخصية كتنظيم داخلي وسيط بين المثير والاستجابة:

تنظيم داخلي يقوم على التفاعل بين مكوناتها يتوسط المثير والاستجابة التي يصدرها الفرد، ومن أمثلة هذا النوع من مفاهيم الشخصية ما ذهب إليه البورت 1961 Alport الشخصية " ذلك التنظيم الدينامي داخل الفرد لأجهزته النفسية والجسمية، التي تحدد للفرد اسلوبه الفريد في التوافق مع البيئة ".

يتضح من التعريف الاتي:

  1. الشخصية تنظيم دينامي، وهي عبارة معناها يشير إلى أن البناء الداخلي للفرد ليس تنظيما ساكنا، بل في حالة من التفاعل والترتيب والتناسق.
  2. أجهزته النفس جسمية، وهي عبارة تشير إلى أن تنظيم الشخصية يتضمن التكامل بين أنظمة ومكونات الشخصية (الوراثية، والجسمية، والانفعالية...إلخ) في وحدة ال يمكن فصلها.

ثانياً: نظريات الشخصية:

1. نظرية الأنماط:

  1. ترجع الي العالم الإغريقي هيبوقراط (حيث ربط بين الجوانب الفسيولوجية والشخصية).
  2. وذهب إلى أن اللون العام للشخصية يتوقف على الاختلاط بين الجوانب الفسيولوجية والشخصية.
  3. وفي ضوء ذلك قسم الشخصية إلى أربعة أنماط أو أمزجة عامة، وهي:

1. النمط السوداوي: بطيء التفكير لكنه قوي الانفعال، يميل إلى الانطواء والتشاؤم والانقباض والاكتئاب.

2. النمط الصفراوي: وصاحبه طموح وعنيد وجاد، وحاد الطباع وسريع الاستثارة.

3. النمط الدموي: وصاحبه سهل الاستثارة، وسريع الاستجابة، ويتميز بالتفاؤل والمرح والنشاط.

4. النمط البلغومي: وصاحبه بطيء الاستثارة، ويغلب عليه الخمول والتبلد الانفعالي.

وطبقا لراي أن الشخصية السوية تعتبر نتاجا لتوازن هذه الأمزجة الأربعة وتكافئها، وإذا ما تغلب أحد الأمزجة على الأخرى نشأت الاضطرابات والأمراض النفسية، ومن الانتقادات التي توجه إلى هذه النظرية تجاهلها للفروق الفردية بين الأفراد.

2. نظرية التحليل النفسي:

1. تنتمي إلى هذا التوجه نظريات عديدة، أشهرها نظرية الطبيب النمساوي سيجموند فرويد التحليل النفسي.

2. ويؤكد التحليل النفسي عموماً على خبرات الطفولة المبكرة، والدوافع اللاشعورية، والصراعات، والإحباطات كمحددات للشخصية.

3. كما تركز على الطاقة النفسية كمحرك أساسي للسلوك، والحيل والميكانيزمات الدفاعية كوسيلة لمواجهة القلق. وفي التوجهات الحديثة لهذه النظرية.

أصبح هناك اهتمام مضاف لدور المتغيرات الاجتماعية والتفاعلات مع الوالدين خلال عملية التنشئة في نمو الشخصية.

4. تعتمد هذه النظرية على اختلاف توجهاتها وعلمائها على الملاحظة والاستبطان والتداعي الحر والتحليل المنطقي للذكريات والأفكار في دراسة الشخصية والحكم عليها.

3. النظريات السلوكية: Behaviorism:

  1. تنظر السلوكية إلى الشخصية على أنها مجموعة من العادات المكتسبة، أو المتعلمة وفقاً لقوانين التعلم.
  2. وفي أحكامهم على الشخصية يركزون فقط على السلوك الظاهر الذي يمكن ملاحظته، وقياسه بغض النظر عما يحدث داخل الفرد، وبخاصة ما يتعلق بما يحدث داخل العقل.
  3. بل وذهب واطسون برفض تأثير العوامل الوراثية على الشخصية، إلا أن السلوكيين من أمثال سكنر ودولارد وميلر نزعوا إلى إدراك أهمية العوامل الوراثية، ودوافع الفرد في تشكيل سلوكه، ومن ثم في شخصيته

4. النظرية الإنسانية: Humanstic theory:

  1. يطلق عليها القوة الثالثة لعلم النفس بعد نظرية التحليل النفسي والسلوكية.
  2. تركز على ان الطبيعة الإنسانية خيرة؛ حيث ترى أن الإنسان خير بطبعه والسلوك دائماً له هدف.
  3. ومن رواد هذه النظرية الذي ركز على بعض الموضوعات مثل: تحقيق الذات، والإبداع، وأهداف الحياة، وجودتها، والوجود الشخصي، والاجتماعي، ويعتبرونها من المتغيرات المهمة للحكم على الشخصية.

ثالثاً: نماذج لبعض أنواع الشخصيات:

1. الشخصية الطبيعية او العادية: Normal Personality:

  1. تظهر خصائص شخصيته، بصورة متكاملة وأنه يستطيع توجيه هذه الخصائص بشكل متوازن نحو تحقيق هدف حياتي معين.
  2. ذهب آخرون إلى اعتبار الشخص الطبيعي هو الشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية والعقلية السليمة، وهناك من يرى أن الشخصية الطبيعية تعنى الخلو من الاضطرابات النفسية والعقلية.
  3. هذه التعريفات تتقارب من تعريفات الصحة النفسية.
  4. يذهب فريق ثالث إلى أن الشخصية الطبيعية هي التي تتمتع برزانة العقل، والثبات الانفعالي، وأنه سعيد ويتمتع بنشاط كاف، وليس في حرب مع نفسه ولا غيره.

2. الشخصية الانطوائية: introvert Personality:

لا توجد شخصية منطوية انطواء كاملاً، كما لا توجد أخرى منبسطة انبساطا كاملاً.

من أهم ما يتصف به الشخص الانطوائي هو:

  • يميل إلى الانعزال والوحدة وابتعاده عن التواصل الاجتماعي.
  • يميل إلى التأمل منفرداً بما يشبه أحلام اليقظة.
  • قليل الاهتمام بالنواحي المادية، وتغلب عليه الاعتبارات النظرية والمثالية.
  • حساس المزاج؛ لذلك تجده سريع الانفعال.

3. الشخصية الهيستيرية: Hysterical Personality:

من أكثر الصفات وروداً في الشخصية الهيستيرية هي:

  • حب الذات وحب الظهور ومحاولة جذب انتباه واهتمام الآخرين.
  • التواكل على الآخرين في المسئولية.
  • القابلية الشديدة للإيحاء والتأثر بالآخرين.
  • القابلية للمبالغة والكذب والتمثيل وانفعالاتهم طفولية وسريعة التقلب وتتسم بالسطحية.

4. الشخصية السيكوباتية: Psychopathic Personality:

الشخصية السيكوباتية شخصية ضد مجتمعية، لا يتصرف بإرادة واعية وكاملة.

ويمكن تلخيص أهم صفات ومعالم الشخصية السيكوباتية في:

  • ظهور اضطراب السلوك في سن مبكرة.
  • اتخاذ هذا الاضطراب اتجاهاً مؤذياً أو مضاداً للمجتمع.
  • الاندفاع الخارج عن السيطرة الإرادية.
  • استجابته لوسائل الشدة أو اللين.
  • عدم النضج العاطفي، والنقص في الحكم على الأمور، مع توفر بعض الاتجاهات للانحراف السلبي.

5. الشخصية الدونية: Inferior Personality:

يعد النقص مركب نفسي لا شعوري يرجع الى العديد من العوامل النفسية ومن أهم صفاتها:

  • يعاني من عجز دائم في تلبية التزاماته ونشاطاته الحياتية.
  • يتخذ مرتبة أدنى في التعامل مع الغير.
  • يقتنع دائما بأن يكون في وضع الخضوع والاستسلام.
  • يفتقر للشعور بالثقة والاستقلالية.
  • يرضى بالأدوار الهامشية في الحياة.

6. الشخصية المبدعة: Creative Personality:

من أهم خصائص الشخصية المبدعة:

  • يتسم بالمنهج العلمي في التفكير ويبتعد عن التفكير الخر افي.
  • يلفت انتباهه ما لا يلفت انتباه الشخص العادي.
  • دائم التفكير في مشاكل وقضايا قد ال يفكر فيها الشخص العادي.
  • تتسم حلوله للقضايا والمشاكل بالحداثة وغير التقليدية.
  • يمكنه أن يعطي حلولاً متعددة وجادة وذات عمق للمشكلة الواحدة.
  • غالباً ما يتسم بارتفاع نسبة الذكاء عن العاديين.