المساء - لخليل مطران

التعريف بالشاعر:

ولد خليل مطران في بعلبك بلبنان سنة 1872 في أسرة عربية مسيحية، تدعى آل مطران وتنتمي الى الغساسنة تلقى العلم في زحلة وبيروت ثم ارتحل الى باريس سنة 1890 خوفاً من العسف التركي ومؤامرته التي تبعته حتى باريس فهاجر الى مصر سنة 1892 وشارك في تحرير جريدة (الأهرام) وبعض الصحف الاخرى وأسند إليه إدارة الفرقة القومية للمسرح سنة 1935م ولقب بشاعر القطرين (مصر ولبنان) سنة 1947 ومن آثاره ترجمة عدد من روايات شكسبير (عطيل - وهاملت - وماكبث) وله عدد من الكتب الأدبية والاقتصادية الى جانب ديوانه (ديوان الخليل) وتوفي سنة 1949.

التجربة الشعرية:

مرض مطران بعد حب أخفق فيه وطال به المرض، فنصح له بعض الأصدقاء بالسفر الى المكس بضواحي الإسكندرية حيث جو البحر المنعش وهواء الصحراء الجاف، وهدوء الضواحي ولكنه لم يجد ما كان يرجوه من شفاء بل وجد وحشة البعاد فوق آلام الحب والمرض فأشاع ذلك في قلبه الحزن وصبغ الدنيا في عينه بلون قاتم.

ومن وحي ذلك كله تلك القصيدة "المساء" ومنها هذه الأبيات:

نوع التجربة:

ذاتية لأن الشاعر يتحدث عن تجربة شخصية وموقف خاص به عاشه وتأثر به بنفسه.

العاطفة المسيطرة:

عاطفة الحزن والأسى ولوعة فراق المحبوبة، وعناء المرض والإحساس بالوحدة.

استجابة لنصيحة لا تفيد:

إني أقمت على التعلة بالمنى ... في غربة قالوا تكون دوائي

إن يشف هذا الجسم طيب هوائها ... ايلطف النيران طيب هواء؟

عبث طوافي في البلاد وعلة ... في علة منفاي لاستشفاء

متفردة بصبابتي متفرد ... بكآبتي متفرد بعنائي

الشرح والتحليل:

اللغويات:

- أقمت: مكثت × رحلت - التعلة: التعلل والتشاغل والتلهي × الفراغ - المنى: الآمال م مُنية.

- دوائي: علاجي. – غربة: المراد الإسكندرية. - يشف: يبرئ × يمرض.

- طيب: حسن وجمال ج أطياب، طيوب - يلطف: يهدئ، يخفف - النيران: أي الأشواق.

- عبث: لهو لا فائدة منه - طوافي: تنقلي، ترحالي × استقراري - علة: مرض ج علل.

- منفاي: أي غربتي ج منافٍ - الاستشفاء: طلب الشفاء - متفرد: وحيد.

الشرح:

1. لقد أخذت بمشورة ونصح الأصدقاء، وأقمت غريبًا في الإسكندرية، على أمل الشفاء كما زعموا من المرض الذي أجهدني والحب الذي أشقاني.

2. وإذا كان هواء الإسكندرية الرقيق سوف يشفيني من مرضي الجسدي، فأنا أشك أنه سوف يخفف أشواقي ويخمد نيران الحب المتأججة (المشتعلة) في قلبي.

3. ونتيجة ذلك أشعر أن هذه الغربة من أجل الشفاء عبث لا فائدة منه؛ فقد جمعت بين المرض والشوق، فأضافت إلى علة الجسم علة الحب وعذاب القلب وعلة الغربة.

4. وأنافي غربتي هذه أعاني شوقًا وحزنًا وآلامًا فريدة لا نظير لها لم يشعر بها أحد. وأنا أعيش حالة من الوحدة القاسية (متفرد) ومن آثارها الكآبة، ونتيجتها العناء والتعب.

الجمليات والتذوق الأدبي:

[في غربة تكون دوائي]: تشبيه للغربة بالدواء الشافي، وسر جماله التجسيم، ويوحي بالألم والنفور من الغربة، واستخدام حرف الجر(في) يدل على أن الغربة محيطة به من كل جانب.

- [غربة]: نكرة للتهويل والتنفير.

- [أقمت - غربة]: محسن بديعي / طباق يوضح المعنى بالتضاد.

- [قالوا]: إطناب بالاعتراض يوحي بالشك وعدم الاقتناع بفائدة هذه الرحلة، وفيها تهكم وسخرية من نصح الناصحين.

- أسلوب البيت: خبري للتحسر والألم..

س: يكشف البيت الأول عن فجوة بين التوقعات والواقع كيف ذلك؟

الشاعر كان يتوقع له أصدقاؤه الشفاء في الإسكندرية ولكن الواقع هو استمرار المرض وشدة الشوق واللوعة، فجمع بذلك بين مرض الجسم وشدة آلام الحب والوحدة.

إن يشف هذا الجسم طيب هوائها ... ايلطف النيران طيب هواء؟

[إن]: الشرطية تدل على شكه في الشفاء.

- [إن يشف هذا الجسم طيب هوائها]: استعارة مكنية تصور الهواء دواء يشفى الجسم من المرض، وسر جمالها التوضيح والتجسيم.

- [هذا الجسم]: الإشارة إلى الجسم توحي باليأس من الشفاء.

- [أيلطف النيران طيب هواء؟]: النيران: استعارة تصريحية فقد شبه الأشواق بالنيران، وفيها تجسيم وإيحاء بشدة المعاناة. وأسلوب إنشائي / استفهام، غرضه النفي والاستبعاد، وهو بذلك يؤكد حقيقةً علميةً وهي أن الهواء يزيد النار اشتعالاً فكيف يزعم الزاعمون أنه يلطفها؟!

- في البيت الثاني: إيجاز بالحذف يثير الذهن حيث حذف جواب الشرط الذي يدل عليه قوله (أيلطف النيران.. إلخ) فالتقدير إن يشف هذا الجسم طيب هوائها فلن يشفى آلام الأشواق النفسية.

عبث طوافي في البلاد وعلة ... في علة منفاي لاستشفاء

- [عبث طوافي]: أسلوب قصر بتقديم الخبر النكرة (عبث) على المبتدأ المعرفة؛ للتخصيص وللتأكيد على أنه لا يتوقع الشفاء.

- [عبث طوافي]: تشبيه للطواف بالعبث، وهو يوحي باليأس التام من الشفاء.

- [علة في علة منفاي]: تشبيه للمنفي (الإسكندرية) بالعلة وفيه توضيح وإيحاء بآلام الغربة.

- [علة في علة]: كناية عن تداخل وتراكم الآلام والعلل.

- [منفاي]: استعارة تصريحية، حيث صور الإسكندرية بالمنفى، وهي توحي بالوحشة وبعدم قدرته على البقاء فيها.

- [علة ـ استشفاء]: محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد.

- [عبث ـ علة]: نكرتان للتهويل وبيان شدة المعاناة.

متفردة بصبابتي متفرد ... بكآبتي متفرد بعنائي

- البيت الرابع: كله كناية عن تعدد الآلام والهموم والأحزان.

- [متفرد بصبابتي، متفرد بكآبتي، متفرد بعنائي]: البيت كله فيه حسن تقسيم يعطي جرساً موسيقياً محبباً إلى الأذن، استعارة مكنية فسها تشخيص للصبابة والكآبة والعناء.

- [متفرد بصبابتي، متفرد بكآبتي، متفرد بعنائي]: الفصل بين العبارات يوحي بتنوع أصناف الشقاء. وإضافة هذه الكلمات إلى ياء المتكلم توحي بخصوصية هذا الألم. وتكرار لفظ (متفرّد) يؤكد الشعور بالألم وانفراده. - قدم الشاعر الصبابة على الكآبة؛ لأن الصبابة هي التي تؤدي إلى الكآبة.

البيت الرابع: نتيجة لما قبله من (علة في علة) أدت إلى وحدة ذات ثلاث صفات متدرجة: سببها الصبابة ـ التي تؤدى إلى الكآبة ـ فينتج عنها العناء والمشقة.

- أسلوب البيت الرابع: خبري للحسرة.

س: لم قدم الشاعر الصبابة على الكآبة؟

لأن الصبابة (شدة الشوق) هي التي تؤدي الى الكآبة والتي هي الحزن والآلام، أي الكآبة نتيجة للصابة.

شكي بلا جدوى:

شاك الى البحر اضطراب خواطري.. فيجيبني برياحة الهوجاء

ثاو على صخر اصم وليت لي ... قلباً كهذي الصخرة الصماء

ينتابها موج كموج مكار هي ... ويفتها كالسقم في أعضائي

والبحر خفاق الجوانب ضائق ... كمداً كصدري ساعة الإمساء

تغشى البرية كدرة وكأنها ... صعدت الى عيني من أحشائي

والأفق معتكر قريح جفنه ... يغضي على الغمرات والأقذاء

الشرح والتحليل:

اللغويات:

- شاك: اسم فاعل من شكا - اضطراب: عدم استقرار - خواطري: أفكاري م خاطر - خاطرة

- ثاو: مقيم اسم فاعل من ثوى - ينتابها: يصيبها ويتوالى عليها - يفتها: يفتتها ويكسرها

- الهوجاء: الشديدة ج هوج مذكرها أهوج. - صخر أصم: صلب مصمت وجمع أصم وصماء: صم.

- مكارهي: أحزاني وكل ما أكرهه م مكره- السقم: المرض ج أسقام.

- خفّاق: مضطرب × هادئ - كمداً: حزنا ًشديداً مكتوماً × سرورًا.

- ضائق: ضيق × متسع.

- تغشى: تغطى- كدرة: سواد وظلام - البرية: الخلق ج برايا، من "برأ" بمعنى خلق.

- أحشائي: كل ما بداخل الجوف والمراد القلب م حشا - معتكر: مظلم - الغمرات: الشدائد م غمرة.

- قريح: مجروح، والمراد محمر وملتهب من البكاء الشديد ج قرحي - الأفق: منتهى مد البصر ج آفاق.

- الجفن: غطاء العين ج جفون وأجفان - يغضى: يغمض - الأقذاء: م قذًى وهو ما يقع في العين فيؤلمها.

الشرح:

5. في هذا المساء وقفت على شاطئ البحر، وشكوت له حزني واضطراب نفسي وأفكاري، فيجيبني برياح شديدة هوجاء تدل على اضطرابه هو أيضاً فتزداد حيرتي وألمي.

6. وجلست على صخرة من صخور الشاطئ متمنياً أن يكون قلبي قاسياً قوياً مثلها ولا يتأثر بعواطف الحب والشوق ولا يشعر بالألم وعذاب الفراق.

7. فوجدت الصخرة تعاني مثل معاناتي فتتفتت أمام الموج كما تتفتت أعضائي في مواجهة آلام المرض.

8. والبحر مضطرب الأمواج ضائق كصدري في حزنه ساعة المساء. فالبحر يضيق بأمواجه والصدر يضيق بأحزانه.

9. والكون كله قد غلفه السواد وكأن الأحزان السوداء التي تملأ نفسي صعدت إلى عيني فأصبحت لا أرى إلا الظلام.

10. حتى الأفق الممتد مظلم يختلط سواده بحمرة الشفق فكأنه شخص مهموم قد تقرحت أجفانه بعد أن توالت عليه الشدائد فأصبح يعيش على الآلام والهوان.

شاك الى البحر اضطراب خواطري.. فيجيبني برياحة الهوجاء

- [شاك]: في البيت إيجاز بحذف المبتدأ وتقديره (أنا شاك)، والحذف للتركيز على معنى الألم والشكوى ولإثارة الذهن.

- [شاك إلى البحر]: استعارة مكنية، تصور البحر صديقاً يبثه الشاعر شكواه، وسر جمالها التشخيص وتوحي بحب الشاعر للطبيعة.

- [يجيبني برياحه الهوجاء]: استعارة مكنية تصور البحر إنسانا ًمضطرباً يجيب، وفيها تشخيص، وإيحاء بالتجاوب بينه وبين الشاعر، والخيال في هذا البيت ممتد، حيث صور البحر صديقاً يشكو إليه، وإنساناً يجيبه.

- [شاك ـ ويجيبني]: محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد.

- [فيجيبني]: استخدام "الفاء" يدلّ على سرعة استجابة البحر.

- [رياحه الهوجاء]: تعبير يدل على شدة هياجه وانفعاله فالبحر يعاني مثله

-أسلوب البيت الخامس: خبري لإظهار القلق والحيرة.

ثاو على صخر اصم وليت لي ... قلباً كهذي الصخرة الصماء

- [ثاو على صخر أصمّ]: تعبير يدل على طول ملازمته للبحر، وعمق تأمله، وفيه إيجاز بالحذف، وتقديره (أنا ثاو)، وهو أسلوب خبري لإظهار الألم.

- [صخر أصمّ]: تعبير يوحي بفقد الإحساس والشعور.

- [ليت لي قلباً كهذي الصخرة الصماء]: تشبيه للقلب بالصخرة في صلابتها وقوتها، يوضح أمنية الشاعر في عدم الإحساس، وهو يوحي بكثرة الآلام.

- [وليت لي قلبًا ...]: أسلوب إنشائي بصيغة التمني لإظهار الحسرة والألم والاستبعاد.

- كل من (شاك - وثاو) ملائم لموضعه: (شاك) تلائم الحديث إلى البحر؛ لأنه واسع يمكن أن يتجاوب معه ويكتم سره. و (ثاو) يلائم الصخرة؛ لأن طول الملازمة يحتاج إلى شيء ثابت قوى يقيم عليه.

ينتابها موج كموج مكار هي ... ويفتها كالسقم في أعضائي

[ينتابها]: مضارع يفيد التجدد، وهذا يلائم تتابع الموج.

- [ينتابها موج كموج مكارهي]: تشبيه لموج البحر في تتابعه على الصخرة بموج المكاره (الأحزان) التي تتابعت عليه من الحب والمرض والغربة، وفيه توضيح وإيحاء بكثرة الهموم.

- [موج مكارهي]: تشبيه للمكاره في كثرتها بالموج، وهذا خيال مركب، حيث جعل الموج مشبها به في صورتين لتعميق الخيال.

- [يفتّها كالسقم في أعضائي]: تشبيه لموج البحر حين يفتت الصخر بالمرض في إضعاف الأعضاء.

- البيت السابع: أسلوبه خبري لإظهار الأسى والحزن.

والبحر خفاق الجوانب ضائق ... كمداً كصدري ساعة الإمساء

[البحر خفّاق الجوانب ضائق كمدًا]: استعارة مكنية تصور البحر إنساناً حزيناً ضيق الصدر، وفيها تشخيص، وتوحي باندماج الشاعر مع الطبيعة في الأحزان.

- [خفاق]: صيغة مبالغة تدل على شدة الاضطراب واستمراره.

- [والبحر ضائق كمدًا كصدري ساعة الإمساء]: تشبيه للبحر في ضيقه بصدره وقت الغروب، ويوحي بكثرة هموم الشاعر وقت المساء، وخص الشاعر المساء؛ لأنه وقت تجمع الهموم، وتراكمها على القلوب.

-[كمداً]: توحي بشدة الألم.

-[صدري]: مجاز مرسل عن القلب، علاقته: المحلية.

- [ساعة الإمساء]: توحي بالخوف والرهبة.

- أسلوب البيت: خبري لإظهار الضيق والألم.

- يرى بعض النقاد أن البيت الثامن يجب أن يكون بعد البيت الخامس؛ ليناسب الحديث مع البحر.

س: لماذا اختار الشاعر البحر لشكواه؟

لأن هذا طبع الرومانتيكيين الذين يتجهون الى الطبيعة، كما انا البحر واسع وقد يتحمل شدة معاناة الشاعر وآلامه.

تغشى البرية كدرة وكأنها ... صعدت الى عيني من أحشائي

- [تغشى البرية كدرة]: استعارة مكنية تصور الكدرة ثوبا أسود، يغطى الكون وينشر الظلام، وفيها توضيح وإيحاء بانقباض وضيق النفس.

- [تغشى]: توحي بالانتشار والشمول، و (كدرة) توحي بالضيق.

- [كأنّها صعدت إلى عيني من أحشائي]: كناية عن شدة حزن وألم الشاعر.

ومن خلال الفهم نرى أن هناك تشبيها خفيا حيث شبه ظلمة الكون بظلمة النفس وهذا يدل على مزج النفس بالطبيعة.

والأفق معتكر قريح جفنه ... يغضي على الغمرات والأقذاء

- [الأفق معتكر]: استعارة مكنية تصور الأفق ماء عكرًا وسر جمالها التوضيح.

- [قريح جفنه]: استعارة مكنية تصور الأفق إنسانا معذباً تقرحت أجفانه، وفيها تشخيص وإيحاء بما في نفس الشاعر من قلق.

- [يغضى على الغمرات والأقذاء]: استعارة مكنية تصور الأفق إنساناً يغمض عينه على ما أصابها من أتربة تؤلمها، وفيها تشخيص، وهي امتداد للصورة السابقة وترشيح لها يقويها والصورة توضح الامتزاج القوى بين الشاعر والطبيعة، فهو يدير معها الحوار، ويبث فيها الحركة، ويتخذ منها أصدقاء يشكو إليهم، ويشعر بهمومهم.

- [معتكر]: توحي بالانقباض. -[يغضى]: توحي بالذلة والانكسار.

- [الغمرات والأقذاء]: العطف للجمع بين الآلام النفسية والمادية، وجاءتا جمعاً للكثرة.

- قدم الغمرات على الأقذاء ليدل على أن الألم النفسي أقوى من الألم الحسي.

- أسلوب البيت العاشر: خبري للألم والحسرة

مشهد الغروب وإيحاءات التذكر والوداع والفراق:

يا للغروب وما به من غبرة.... للمستهام وعبرة للرائي

او ليس نزعاً للنهار وصرعة .... للشمس بين مآتم الأضواء؟

ولقد ذكرتم والنهار مودع ... والقلب بين مهابة ورجاء

وخواطري تبدو تجاه نواظري ... كلمي كدامية السحاب إزائي

والدمع من جفني يسيل مشعشعاً ... بسنا الشعاع الغارب المترائي

والشمس في شفق يسيل نضاره ... فوق العقيق على ذرا سوداء

مرت خلال غمامتين تحدرا.. وتقطرت كالدمعة الحمراء

فكأن أخر دمعة للكون ... قد مزجت بأخر ادمعي لرثائي

وكأنني أنست يومي زائلاً ... فرأيت في المرآة كيف مسائي

اللغويات:

يا للغروب: أسلوب تعجب × الشروق - عَبْرَةٍ: دمعة ج عَبَرات - المتهام: المحب المشتاق الشديد الحب - عبرة: عظة ج عِبَر - صرعة: موتا وقتلا والمقصود اختفاء الرائي: الناظر المتأمل

- نزعًا: احتضارا. النزع خروج الروح والإشراف على الموت. والمراد أن الغروب نهاية للنهار

- مآتم: م مأتم وهو كل مجتمع في حزن أو فرح وغلب استعماله في الأحزان

- ذكرتك: الخطاب لحبيبته - مهابة: خوف ممتزج باحترام مادتها (هيب) - مودع: راحل، مفارق

- رجاء: أمل. - تبدو: تظهر- تجاه: أمام، مادتها (وجه).

- نواظري: عيوني م ناظر - دامية: ملطخة بالدم والمراد حمراء - المترائي : الظاهر - كلمى: جرحى م كليم - إزائي: أمامي- مشعشعا: ممزوجاً مختلطاً - سنا: ضوء × الظلام (سنو) - الشعاع: خيوط الضوء ج أشعة، شُعُع- الغارب: المنحدر إلى الغرب

- الشفق: أشعة حمراء تلون الأفق عند الغروب وتستمر بعده أكثر من ساعة - النضار: الذهب والمراد هنا لونه- ذراً: م ذروة وهي أعلى الشيء - خلال: بين - غمامتين: سحابتين

- العقيق: خرز أحمر الياقوت وهو حجر كريم أحمر والمراد هنا السحاب الأحمر ج عقائق، أعقة

- تحدرا: سقوطاً وانحداراً- تقطرت: سقطت- مزجت: اختلطت

- رثائي: البكاء على.- آنست: أحسست - يومي: أي عمري

- المرآة: المراد الطبيعة وقت الغروب - زائلا: منتهيا- مسائي: أي نهايتي

الشرح:

11. عجبًا للغروب وما يحمل من معانٍ مختلفة فهو يحرك بحار الحزن في نفس العاشق فيبكى ويوحي للمتأمل بمعاني وعظات بالغة.

12. وهذا المساء فيه نهاية للنهار وموت للشمس، والأضواء الخافتة تبكيها وهي تشيِّعها. فكل شيء أرى فيه الهم والبؤس والشقاء.

13. وفي قلب هذا المشهد المؤلم (مشهد الغروب) ذكرتك أيتها الحبيبة عند الغروب وقلبي مضطرب يتبادله الخوف من فقدك، والأمل في رؤيتك مع النهار الجديد.

14. إن خواطري الحزينة الجريحة تظهر أمام عيني كالسحاب الأحمر الذي أراه أمامي لحظة الغروب.

15. ودمعي يسيل متدفقاً من جفني ممزوجا بحمرة الأشعة الغاربة فكأنني أبكى دماء على فراقك أيتها الحبيبة.

16. والشمس تبدو في ساعة الغروب بأشعتها الذهبية الغارقة في الشفق وهي تسيل من على السحاب الأحمر على قمم الجبال السوداء (يقصد الظلام المنتشر في الكون) لتتوجها بالجمال. فيتحول هذا الجمال إلى حزن وكآبة لأن هذه الصورة اجتمعت فيها الألوان وامتزجت بها فكونت لونا كئيبا يدل على حالتي النفسية.

17. ولقد انحدرت الشمس نحو الغروب من بين سحابتين كأنها دمعة حمراء بين جفنين.

18. فتخيلت أن الكون يذرف آخر دمعة له (وهي الشمس) وقد امتزجت بآخر دموعي ليشاركني حزني وآلامي.

19. وكأنني أحسست قرب نهايتي في تلك الصورة الحزينة التي عرضها هذا المساء الكئيب.

التذوق:

يا للغروب وما به من غبرة.... للمستهام وعبرة للرائي

- [يا للغروب]: أسلوب إنشائي / نداء للتعجّب يوحي بقوة الانفعال.

- [عَبرة ـ عِبرة]: جناس ناقص له تأثير موسيقىّ، وفيه تحريك للذهن.

او ليس نزعاً للنهار وصرعة .... للشمس بين مآتم الأضواء؟

- [أو ليس نزعاً النهار؟]: أسلوب إنشائي / استفهام للتقرير.

- [ليس نزعا]: تشبيه للغروب (اسم ليس الضمير المستتر العائد على الغروب) بالنزع (خروج الروح)، وهي صورة توضح مدى الألم النفسي للشاعر.

- [ليس نزعا للنهار]: استعارة مكنية تصور النهار عند الغروب مريضاً يحتضر، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وسر جمالها التشخيص وتوحي بالانقباض النفسي.

- [وصرعةً للشمس]: تشبيه للغروب بالصرعة واستعارة مكنية فيها تصوير للشمس بإنسان يصرع، وهي توحي بالكآبة.

- [نزعًا ـ وصرعةً]: نكرتان للتهويل وفيهما إيحاء بالعنف والقسوة.

- [مآتم الأضواء]: تشبيه للأضواء بجماعة تودع الشمس. وفيه تشخيص، وإيحاء باستمرار كآبة الشاعر.

- نزعا وصرعة ومآتم – نهار وشمس وأضواء: مراعاة نظير لإثارة الذهن.

ولقد ذكرتم والنهار مودع ... والقلب بين مهابة ورجاء

- [ولقد ذكرتك]: من أساليب التوكيد مؤكد باللام وقد.

- [النهار مودّع]: استعارة مكنية فيها تصوير للنهار بإنسان راحل، وتوحى بالغروب والظلمة.

- [مهابة]: لفظة توحي بالخشوع والخوف الممزوج باحترام، وهذا يدل على نظرة الرومانسيين للمحبوبة على أنها ليست امرأة ذات جسد حي، ولكنها تحمل عندهم معنى التبجيل والاحترام لأنها باعثة الشعر عندهم. لذلك هي أجمل من خوف.

- [مهابة ـ ورجاء]: محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد.

- أسلوب البيت: خبري لإظهار شدة حبّه لها.

وخواطري تبدو تجاه نواظري ... كلمي كدامية السحاب إزائي

[إزائي]: كلمة متكلفة لتكملة القافية، لأنها لا تضيف جديدًا بعد قوله (تجاه نواظري).

– ذكرتك أجمل من تذكرتك لأنها تدل على عدم النسيان.

[خواطري كلمى] استعارة مكنية تصور الخواطر جسماً جريحاً وفيها تجسيم وإيحاء بالتمزق النفسي.

- [خواطري كدامية السحاب]: تشبيه لخواطره بالسحاب وهي صورة توحي بقوة امتزاجه بالطبيعة.

- [دامية السّحاب]: استعارة مكنية تصور السحاب الأحمر جسماً يسيل منه الدم، وفيها توضيح للفكرة برسم صورة لها. والخيال في البيت مركب.

- أسلوب البيت خبري لإظهار الحزن والألم

والدمع من جفني يسيل مشعشعاً ... بسنا الشعاع الغارب المترائي

[الدمع من جفني يسيل]: كناية عن شدة أحزان الشاعر.

- يسيل الدمع مشعشعا بسنا الشعاع أفضل من كسنا الشعاع لأنها تدل على امتزاج الشاعر بالطبيعة وانعكاس أحاسيسه عليها.

- [جفني]: مجاز مرسل عن العين علاقته الجزئية، وسر جماله الإيجاز والدقة في اختيار العلاقة

[المترائي]: كلمة متكّلفة لتكملة القافية، لأن الشعاع ظاهر بالفعل، ولا يحتاج لأن يوصف بالمترائي.

- أسلوب البيت خبري لإظهار الحزن والألم.

والشمس في شفق يسيل نضاره ... فوق العقيق على ذرا سوداء

- والجمع بين [نضار ـ عقيق] يخالف الجو النفسي الحزين؛ لأن " الذهب، والعقيق" يوحيان بالسعادة ويمكن الرد بأنه أراد الألوان التي اجتمعت (الأحمر مع الأصفر مع الأسود) فزادت من كآبته.

- [نضاره]: تشبيه بليغ للشفق (الضمير الهاء) بالنضار، وهو الذهب، وسر جماله التوضيح.

- [العقيق]: استعارة تصريحية حيث شبه السحاب الأحمر بالعقيق، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به، وسر جمالها توضيح الفكرة برسم صورة لها،

- [الشمس ـ وسوداء]: محسن بديعي/طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد.

- [نضار ـ عقيق]: مراعاة نظير تثير الذهن. - أسلوب البيت: خبري لإظهار الأسى.

مرت خلال غمامتين تحدرا.. وتقطرت كالدمعة الحمراء

- البيت السابع عشر كلّه " تشبيه تمثيلي " فقد شبه صورة الشمس، وهي تمر بين سحابتين بصورة دمعة تسقط من بين جفنين، وقد انعكست عليها ألوان الشفق فكانت حمراء، وهو يوضح الفكرة ويوحي بحزن الشاعر.

- تقطرت: توحى بأن الآلام في نفسه تقتله قتلاً بطيئاً. وقد ظهرت دقة الشاعر في (تحدرا – تقطرت) لأن الشمس تميل وتنحدر أولا نحو الغرب ثم تتقطر وتسقط ثم تختفي.

- أسلوب البيت خبري لإظهار الأسى والحزن.

فكأن أخر دمعة للكون ... قد مزجت بأخر ادمعي لرثائي

- [آخر دمعة للكون]: استعارة مكنية تصور الكون إنسانا يذرف آخر دمعة وسر جمالها التشخيص، وتوحي بتجاوب الكون معه.

- [لرثائي]: مجاز مرسل عن الشاعر، علاقته اعتبار ما سيكون، حيث لا رثاء لإنسان على حي ولكن بعد مماته.

- البيت كله: كناية عن إحساس الشاعر بقرب نهايته.

- عاب النقاد (أدمعي) لأنها جمع قلة وكان الأحسن منها جمع الكثرة (دموعي).

- ويمكن الرد على ذلك بأنها (آخر الأدمع) فهي قليلة، ولا عيب في ذلك.

- أسلوب البيت خبري لإظهار الحزن.

وكأنني أنست يومي زائلاً ... فرأيت في المرآة كيف مسائي

- [كأنني آنست يومي زائلاً]: كناية عن التشاؤم واليأس من الحياة.

- [يومي]: مجاز مرسل عن " العمر " علاقته / الجزئية وسر جماله الإيجاز والدقة في اختيار العلاقة.

- [المرآة]: استعارة تصريحية تصور مشهد الغروب مرآة تعكس نهايته.

- [مسائي]: استعارة تصريحية تصور نهايته بالمساء.

- أسلوب البيت: خبري لإظهار الحزن واليأس.

وقفات هامة:

اللون الأدبي: الشعر الوجداني.

الفن الشعري: الغنائي.

نوع التجربة: ذاتية.

س1. ما الذي يمثل الجانب الذاتي في هذه التجربة؟

يمثل الجانب الذاتي سفر الشاعر الى الإسكندرية طلباً للاستشفاء إثر آلامه النفسية والعاطفية وأثر ذلك في نفسه وما أثاره من إحساس بالاغتراب ولوعة فراق محبوبته.

س2. كيف يبدو في القصيدة ذلك التيار الوجداني؟

يصور أحاسيس الشاعر وعواطفه في ذاتية واضحة.

س3. كيف يصور الشاعر الطبيعة في الأبيات؟

يصورها حية ناطقة ممتزجة بنفسه ويتخذ من صور الطبيعة ما يتعادل مع احاسيسه ومشاعره ولا يقتصر على التصوير الخارجي لها فحسب بل كأن ما في الطبيعة صدى لما في نفسه وما في نفسه صدى لما في الطبيعة.

س4. يعد مطران رائد النزعة الرومانتيكية في الشعر العربي الحديث وصاحب الاتجاه الوجداني فيه الى أي مدى تظهر في القصيدة هذه الريادة؟

  1. حب الطبيعة وارتباطه بها.
  2. تصويره لمشاعر الحب المخلص والإحساس العاطفي.
  3. صدق التجربة.
  4. وما فيها من تشاؤم عام في القصيدة ينتهي بشكل صريح بذكر الموت.
  5. رسم الصورة الكلية.
  6. القصيدة ممثلة لشعر مطران الذي يعد مرحلة انتقال من اتجاه الإحياء والبعث المحافظ الى الاتجاه الوجداني.

س5. ما غرض النص؟ وما مظاهر تطوره لدى الرومانتيكيين؟

غرض الوصف الذي تطور في العصر الحديث فصار تعبيراً عما في النفس من مشاعر مع امتزاج بالطبيعة وتشخيص لها فالشاعر لا يفصل بين نفسه وبين الطبيعة بل يمزج بينهما فيجعلها تحس وتشعر وتشاركه آلامه وأحزانه.

س6. تحدث عن عنصر الموسيقى في الأبيات؟

  • ظاهرة: وحدة الوزن والقافية وحسن التقسيم وقافيته الهمزة المكسورة التي تناسب انكسار نفسه.
  • وخفية: نابعة من انتقاء الألفاظ وحسن تنسيقها وترابط الأفكار وجمال التصوير.

س7. هل تحققت في القصيدة كل مقومات الوحدة العضوية؟

  • وحدة الموضوع: وهو وصف الطبيعة في المساء من خلال وجدان حزين.
  • وحدة الجو النفسي: حيث سيطر الحزن وخيم على جو القصيدة من بدايتها الى نهايتها.
  • ترتيب الأفكار وترابطها: فقد جاءت مرتبة بحيث لا نستطيع تقديم بيت على بيت او نؤخر بيتاً او نحذف بيتاً.

س8. وضح روط جودة القافية ومدى تحققها في الأبيات؟

  1. أن تكون غير مجلوبة او متكلفة.
  2. ملائمة في موسيقاها للجو النفسي.
  3. ان تكون نابعة من معنى البيت.

ويرى بعض النقاد ان القافية إزائي في البيت الرابع عشر ليست شاعرية ولم تضف جديداً بعد تعبير تجاه نواظري وانا جاءت للقافية وبهذا فإن شروط جودة القافية لم تتوفر كاملة في القصيدة.

س9. رسم الشاعر في الأبيات لوحة فنية وضح؟

رسم الشاعر في الأبيات لوحة كلية تجسم مشاعره الحزينة لونها بعاطفته وظللها بفكره.

  1. ملامح الصورة: فشل الشاعر في حبه وجلوسه امام البحر يشكو من آلامه في الإسكندرية وقت الغروب.
  2. أجزاء اللوحة: الشاعر ومشاهد من البحر والصخر والموج.
  3. الخطوط الفنية العناصر - الأطراف.
  • الصوت: نسمعه في (شاك - يجيبني).
  • اللون: نراه في (زرقة البحر وسواد الصخر).
  • الحركة نحسها في: (اضطراب - الهوجاء - ينتابها - يفتها).

وقد وفق الشاعر في رسم هذه اللوحة: لأنها اجتمعت لها الاجزاء والأطراف واستطاعت ان توضح فكرة الشاعر وتبرز الجو النفسي له.