في رثاء مي للعقاد

التعريف بالشاعر:

هو عباس محمود العقاد (1889 - 1964م) أحد أعلام التجديد الشعري والفكر النقدي في العصر الحديث ، تكونت منه مع زميليه : إبراهيم عبد القادر المازني (1890 - 1949م) ، وعبد الرحمن شكري (1886 - 1958م) ما عرف بجماعة الديوان ، نسبة إلى " كتاب الديوان في الأدب والنقد " الذي أصدره العقاد والمازني عام 1921م، وفيه كما في كتابات العقاد المتعددة سواء في مقدمات دواوينه أو مقدماته لدواوين زملائه وبعض أصدقائه شرح لجوهر الشعر (مضمونه) كما تراه مدرسته من كونه تعبيراً عن ذات صاحبه ووجدانه وتعظيم دور الصورة (أي الخيال) في نقل إحساس الشاعر ، والحرص على تماسك القصيدة.

التجربة الشعرية:

في 17 اكتوبر 1941م توفيت الأدبية مي زيادة وبفقدها أصيب الأدباء في العالم العربي بالفجيعة إذ كان صالونها الأدبي مهوى للأدباء المثقفين جميعاً كل ثلاثاء وكان العقاد من المترددين عليه كما دارت بينه وبين الآنسة مي الكثير من المراسلات والخطابات لذلك أحس العقاد بهول الفجيعة فرثاها بهذه القصيدة، وأخذ يذكر محاسنها ويترحم عليها وقد ألقى العقاد هذه القصيدة في حفل تأبين الكاتبة مي بدار الاتحاد النسائي بالقاهرة.

نوع التجربة الشعرية:

تجربة ذاتية: لأن الشاعر يتحدث عن فقده للكاتبة الكبيرة مي زيادة التي عرفها وعرف صفاتها الكريمة واستمع الى أدبها طويلاً وذلك لأنه كان من مرتادي مجلسها.

العاطفة:

تسيطر عاطفة الحيرة والدهشة من فقد مي ممتزجة بعاطفة الألم والحسرة الكبيرة على مي وصفاتها وجمالها وأدبها ورغبة في تحدي الموت وإنكاره لأن يكون القبر قادراً على طي شمائلها.

المدرسة التي ينتمي إليها الشاعر:

مدرسة الديوان والتي كان من أقطابها ومن مؤسسيها.

الفكرة الأولى: صدمة الشاعر لفقد مي:

أين في المحفل "مي" يا صحاب؟

عودتنا ها هنا فصل الخطاب

عرشها المنبر مرفوع الجناب

مستجيب حين يدعى مستجاب

أين في المحفل "مي" يا صحاب؟

القاموس اللغوي:

المحفل: المجلس ، مجتمع القوم لأمر ما وتنطق مَحْفَل ومَحْفِل × تباعد وتفرق (ج) محافل - صحاب: أصدقاء، رفاق (م) صاحب ×خصم وعدو وغريم - عودتنا: جعلتها عادة ملازمة لنا × حرمتنا- ها هنا: أي صالون مي الأدبي - فصل الخطاب: القول الصواب الواضح القاطع، الفصاحة × القول الخطأ، الرَّكاكَة - عرش: كرسي الملك ، والمقصود: مكان جلوسها ج عروش، أعراش - المنبر: المنصّة، مكان وقوف الإمام للخطابة (ج) المنابر - مرفوع: عال × متدنٍ ، وضيع - الجناب: أي المنزلة والمكانة، الناحية (ج) أجنبة - مرفوع الجناب: أي معتزاً مفتخراً بها - مستجيب: أي عرش البيان والفصاحة يستجيب لها، مطيع × ممتنع - حين: وقت (ج)أحيان (ج ج) أحايين.

الدراسة الأدبية:

تبدأ القصيدة بسؤال لا ينتظر له جواب، أو هو سؤال معروف الجواب، ولكن الشاعر يلقيه ليتولى بنفسه الإجابة عنه في صورة حديث عن الديبة التي رحلت وأخلفت ما اعتاده رواد ندوتها من البيان الرائع تلقيه معتليه عرش بيانها الذي ملكت ناصيته فاستجاب لها، وراح يزهو بها ويتسامى.

الألوان البيانية:

أين في المحفل مي يا صحاب: كناية عن صفة وهي فقد الشاعر للأدبية مي زيادة.

صحاب: كناية عن موصوف وهم (حضور مجلس مي من كبار الشعراء والكتاب).

عودتنا ها هنا فصل الخطاب: كناية عن فصاحة مي ورجاحة عقلها وقوة شخصيتها واستمرار العطاء.

عرشها المنبر مرفوع الجناب: تشبيه مجمل حيث شبه المنبر بالعرش وسر جماله التوضيح وكناية عن تمكنها من البيان والخطابة وسمو المنزلة.

عرشها: استعارة مكنية صور مي بالملكة لها عرش.

يدعى - مستجيب - مستجاب: صور العرش (المنبر) انساناً يدعي ويستجيب ويستجاب له.

مستجيب حين يدعى: كناية عن صفة وهي سرعة الاستجابة والحضور.

المحسنات البديعية:

(مستجيب - يدعى) - (مستجاب - يدعي) - (مستجيب - مستجاب): طباق يؤكد المعنى ويوضحه.

الأساليب:

أين في المحفل مي؟ أسلوب إنشائي استفهام غرضه إظهار التحسر والدهشة واللوعة. وأسلوب قصر حيث قدم الجار والمجرور) في المحفل (على المبتدأ) مي ليفيد الاهتمام، والتخصيص والتوكيد.

عودتنا ها هنا فصل الخطاب: أسلوب خبري غرضه الثناء والمدح. أسلوب قصر بتقديم الظرف على المفعول به الثاني فصل الخطاب.

عرشها المنبر: أسلوب قصر بتعريف طرفي الجملة الاسمية.

أين في المحفل مي يا صحاب؟: إطناب بالتكرار يفيد توكيد تحسر الشاعر وصدمته لفقدانها.

يا صحاب: أسلوب إنشائي نداء غرضه التنبيه، والاستعطاف في حسرة وأسى.

حين يدعي: إيجاز بحذف الفاعل للعلم به وهو "مي". وسر جماله تحريك الذهن وجذب الانتباه. وإطناب بالاعتراض يفيد الاحتراس، وتوكيد أن مي لم تكن ثرثارة، بل كانت حكيمة تتكلم عندما تدعى.

الألفاظ والتعبيرات:

أين مي؟: السؤال يوحي بحسرة الشاعر وصدمته فهو ينكر موتها ولا يتصوره، وكأنما يسأل عن مكانها فقط.

وذكر اسم (مي) مجردا من الألقاب: يدل على قوة العالقة بينها وبين الشاعر.

المحفل: معرفة للتخصيص والتعظيم.

س: أيهما أجمل (عرشها) ام (مقعدها) ولماذا؟

عرشها: لأنها توحي بعلو مكانة صالونها الأدبي، ومكانتها الأدبية.

مرفوع الجناب: اسم المفعول (مرفوع) لتوكيد اعتراف الجميع بفصاحتها وبيان كثرة المقدرين لمكانتها.

يدعي: مبني للمجهول للعلم بالفاعل.

الفكرة الثانية: التحسر والتوجع على الفقيدة:

سائلوا النخبة من رهط الندى

أين مي؟ هل علمتم أين مي؟

الحديث الحلو واللحن السجى

الجبين الحر والوجه الستى

أين ولى كوكباه؟ أين غاب؟

القاموس اللغوي:

سائلوا : اسألوا بكثرة × أجيبوا - النخبة : الصفوة (ج) نُخب ، نُخبات × العامة ، الدهماء ، الغوغاء - رهط : جماعة من الناس من ثلاثة إلى العشرة ، صُحبة (ج)أرْهُطٌ ، وأرْهاط - الندي : النادي ، مجلس القوم ومكان اجتماعهم (ج) الأنداء - علمتم : عرفتم × جهلتم - الحديث : الكلام (ج) الأحاديث × الصمت - الحلو : العذب ،السائغ الطيب × المر - اللحن : النغم ، الإيقاع (ج) ألحان ، لحون - الشجي : الحزين الكئيب ، والمقصود باللحن الشجي : المؤثر - الجبين: ما فوق الصدغ يميناً أو يساراً ولكل وجه جبينان (ج) أجبن ، أجبنة ، جُبن ، والمقصود بالجبين الحر : الجبين الصافي - الجبهة : ما بين الحاجبين إلى الناصية (ج) جباه وجبهات - الوجه : (ج) وجوه ، أوجه - السني : الوضاء ، المشرق ، المنير × المظلم ، العابس - ولى : انصرف ، أدبر ، غاب × أقبل ، بقي ، دام -كوكباه : المقصود الأديبة مي (ج) كواكب - غاب : أفل ، اختفى × آب ، عاد ، أطل.

الدراسة الأدبية:

ثم يلقي بسؤال أخر يتوسل به الى استعراض صفات الأدبية الكبيرة التي يقدم رثاءها هذه الصفات منها ما هو حسي مثل حلاوة الحديث وجمال الصوت وصفاء الجبين ووضاءة الوجه.

الألوان البيانية:

الحديث الحلو: تشبيه شبه مي (الضمير المحذوف وتقديره هي) بالحديث للتوضيح.

اللحن الشجي: تشبيه شبه مي (الضمير المحذوف وتقديره هي) باللحن الشجي (امتداد = ترشيح).

الجبين: مجاز مرسل عن الكاتبة مي علاقته الجزئية (الايجاز والدقة والمبالغة).

الجبين الحر: صور الجبين بإنسان حر منطلق (للتشخيص).

الوجه السني: كناية عن الجمال والبشاشة.

كوكباه: صور مي بالكوكب وتوحي بالسمو والشهرة.

المحسنات البديعية:

حلو - لحن: جناس ناقص يعطي جرساً موسيقيا.

الحديث الحلو - اللحن الشجي: حسن تقسيم يعطي جرساً موسيقيا.

الأساليب:

سائلوا النخبة: إنشائي أمر غرضه (الالتماس) للتحسر والألم على فقدها.

أين مي؟ هل علمتم أين مي؟ أين ولي كوكباه أين غاب؟ أسلوب إنشائي استفهام غرضه إظهار الأسى والحسرة والألم على فقد مي.

أين ولي؟ وأين غاب؟: إطناب بالترادف، وبتكرار الاستفهام (أين) يفيد التوكيد.

كوكباه: اطناب بالاعتراض يفيد الحسرة أسلوب ندبة غرضه التحسر والفجيعة لفقدان مي.

الحديث الجلو واللحن الشجي والجبين الحر والجه السني: إطناب بالتفصيل بعد الإجمال للتوكيد.

الحديث الحلو: إيجاز بحذف المبتدأ (مي).

الألفاظ والتعبيرات:

سائلوا: أجمل من سألوا لأنها تدل على كثرة السؤال والرغبة في معرفة كل التفاصيل.

النخبة: أجمل من الجماعة لأنها تدل على أنهم صفوة الأدباء وتوحي بالتفرد والتميز والتدقيق فيمن يسأل عنها لأنهم اعرفهم بها.

من: تبعيضيه تدل على كثرة حضور مجلسها مع قلة من تخصهم بالمودة.

رهط: توحي بقلة الصفوة الذين تعتمد عليهم مي وتؤثرهم بمودتها وإضافتها للندي تفيد التخصيص.

ولى وغاب بعد أين: الفعلان يوحيان بإقراره وتسليمه بحقيقة موت مي (رغم عدم تصديقه في البداية) فهما يحولان الاستفهام من استفهام عن الغياب المطلق في قوله أين مي؟ الى الاستفهام عن النهاية المحتومة التي لا مفر منها وهي الموت.

الفكرة الثالثة: ثورة على الموت:

شيم غر رضيات عذاب

وحجي ينفذ بالرأي الصواب

وذكاء المعى كالشهاب

وجمال قدسي لا يعاب

كل هذا في التراب؟ آه من هذا التراب

القاموس اللغوي:

شيم: أخلاق م شيمة - غر: بيضاء ، والمراد: حميدة ، كريمة (م) غراء ، مذكرها: أغر - رضيات: مرضية مقبولة × مرفوضة - عِذاب: طيبة، سائغات مقبولات (م) عذب × مستقبحة ، ممجوجة - حجى: عقل (ج) أحجاء - ينفذ: يقطع ، يقضي - الرأي الصواب: السليم الصحيح × الخطأ - ذكاء : حصافة ، فطنة × غباء، بلاهة - ألمعي: صاحب رؤية صائبة ، متوقد، أريب ، لَوْذَعِي × غبي - الشهاب: الشعلة الساطعة، النجم المضيء (ج) شُهُب، شُهْبَان، أشْهُب - جمال: حسن × قبح، دمامة - قدسي: طاهر × دنس - يعاب: يشان، يذم × يثنى عليه، يمدح - التراب: ما نعم من أديم الأرض (ج) أتربة، تِربان - آه: اسم فعل مضارع بمعنى أتوجع.

الدراسة الأدبية:

يعود الشاعر إلى سرد صفات مي (المعنوية) فيقول: إن مي تتحلى بكثير من الأخلاق الحميدة التي يحبها الجميع والرأي الصائب والعقل السديد، والذكاء الحاد، أما جمالها القدسي فصفة تجمع بين الحسية والمعنوية، فللجمال جانبه المحسوس – ربما بأكثر من حاسة – ومع ذلك فهو (جمال قدسي) والقدسي هو الطاهر، نسبة إلى القدس وهو الطهر، وهو صفة لها طابعها المعنوي ثم يعود إلى الواقع واقع الموت والفناء الذي قضى على كل تلك الصفات الحسي منها والمعنوي، وقد وارها جميعها التراب على نحو لا يكاد يصدق.

العاطفة: الإعجاب بصفات مي زيادة مع عاطفة التحدي للتراب الذي سلب منهم الكاتبة مي.

الألوان البيانية:

شيم غر: صور الشيم بحصان له غرة (التجسيم) وكناية عن وضوح صفاتها الحسنة.

شيم عذاب: صور الشيم بماء عنب صافي للتجسيم.

حجي ينفذ بالرأي الصواب: كناية عن رجاحة العقل والفطنة والذكاء.

ينفذ بالرأي الصواب: صور الرأي الصواب بسهم ينفذ سر جمالها التجسيم.

ذكاء ألمعي كالشهاب: تشبيه مفصل للذكاء بالشهاب المتلألئ للتجسيم.

كل هذا في التراب: كناية عن الموت واستعارة مكنية صورت الشيم والعقل والرأي والجمال أشخاصاً مدفونة في التراب (للتشخيص).

أه من هذا التراب: كناية عن شدة المصيبة وشدة الألم التي يشعر بها الشاعر.

المحسنات البديعية:

شيم غر رضيات عذاب: حسن تقسيم يعطى جرساً موسيقياً.

قدسي - يعاب: طباق يؤكد المعنى.

عذاب - يعاب: جناس ناقص يعطي جرساً موسيقياً.

الأساليب:

[حجي ينفذ بالرأي الصواب]: استعارة مكنية شبه الحجى بسيف يقطع وسر جمالها التجسيم.

[شيم غرّ]: استعارة مكنية شبه (الشيم) بـ (جياد) وسر جمالها التجسيم، وتوحي بهرة تلك الصفات.

[رضيَّات عِذاب]: استعارة مكنية شبه (الشيم) بـ (مياه) عذبة وسر جمالها التجسيم. توحي بالصفاء

[ذكاء كالشهاب]: تشبيه مجمل؛ شبه الذكاء بالشهاب وسر جمالها التجسيم، يوحي بشدة ذكائها.

[جمال قدسي لا يعاب]: كناية عن حسن مي وجمالها وطهارتها.

[كل هذا في التراب]: استعارة مكنية، حيث شبه خصال "مي" بأشياء مادية تدفن وسر جماها التجسيم.

[شيم، غر ....]: نكرات للتعظيم، وجمع؛ يفيد كثرة وتعدد صفات مي.

(جمال قدسي): وصف الجمال بالقدسي يوحي بالطهارة والبراءة.

(كل هذا في التراب؟): أسلوب استفهام غرضه التعجب والإنكار.

(لا يعاب): إيجاز بحذف الفاعل للعموم والشمول.

الفكرة الرابعة: تحدي الموت وخلود مي وأدبها:

ويك ما أنت براد ما لديك

أضيع الآمال ما ضاع عليك

مجد مي غير موكول إليك

مجد مي خالص من قبضتيك

ولها من فضلها ألف ثواب

القاموس اللغوي:

ويك: وي اسم فعل أمر مضارع) والكلمة هنا تفيد الإنكار والتعجب الممزوج بالغضب) - راد: مرجع، معيد × آخذ، مانع - لديك: عندك - أضيع: أفنى، أكثر فقداناً، والمراد: أشدها خسارة على نفسه × أحفظ - الآمال: الرجاء × اليأس - مجد: شرف، عزة × ضعة، خسة (ج)أمجاد - موكول: متروك إليك، مسند إليك × مرفوع عنك - خالص: ناج، متحرر × مرهون، مقيد - قبضتيك: الكف مضموم الأصابع، والمراد: ملكك (ج) قبضات - فضلها: إحسانها، مزيتها × إساءتها ج فضول - ثواب: أجر، جزاء × عقاب.

الدراسة الأدبية:

ويدرك الشاعر أن التراب لن يرد ما غيبه في جوفه، وأن من العبث أن يأمل أحد في ذلك، ومع هذا لا تفارقه روح التحدي وهو يخاطب التراب، فهذا التراب وإن وارى من مي جسدها.. غير قادر على أن يحجب مآثرها وفضلها وإبداعاتها التي لا سلطان له عليها، ولا قدرة له على إخفائها لأنها فوق سلطانه وأكبر من قدرته.

العاطفة: عاطفة التحدي للتراب الذي سلب منهم الكاتبة مي.

الألوان البيانية:

[أضيع الآمال ما ضاع عليك]: استعارة مكنية شبه الآمال بـ أشياء تضيع وسر جمالها التجسيم وتوحي باليأس.

[مجد مي غير موكول إليك]: استعارة مكنية، تصور التراب شخصا وسر جمالها التشخيص.

[ويك]: تفيد التعجب والزجر والتهديد لهذا التراب.

ولها من فضلها ألف ثواب: أسلوب قصر للتوكيد والتخصيص.

الألفاظ والتعبيرات:

ما لديك - ما ضاع: ما الموصولة للعموم والشمول.

أضيع: اسم تفضيل يوحي بشدة الضياع والخسارة والحسرة.

خالص: اسم الفاعل يدل على أن عظم أمجاد مي أعجزت القبر عن القضاء عليها.

قبضتك: استخدام التثنية للدلالة على قوة سلطان القبر وسطوته وبرغم ذلك عجز عن إخفاء وحجب مجد مي فهي فوق سلطانه وأكبر من قدرته.

من فضلها: من سببية تعليلية أي بسبب فضلها.

ألف: توحي بكثرة الثواب الذي يتمناه الشاعر لمي.

وقفات هامة:

س1: ماذا تعرف عن المرثية؟

فهي مي زيادة (1886 - 1941) أديبة وشاعرة وصاحبة نشاط ثقافي واجتماعي واسع، من أصل غير مصري، عرفت بصالونها الأدبي الذي كان يجتمع فيه كبار الأدباء والشعراء في وقتها.

س2 ماذا يلاحظ عن المقطوعات الأربع التي يتألف منها النص؟

يلاحظ أنها تتماسك بقوة على المستويين اللفظي والمعنوي:

  1. فعلى المستوى اللفظي: يتوزع عدد من الأساليب وبخاصة الإنشائية – على مساحة النص، فتشيع الإحساس بتماسك أجزائه. من هذه الأساليب الاستفهام والأمر.
  2. وعلى المستوى المعنوي جاء النص متماسكاً تسلم بدايته إلى الانتقالات التي عبر خلالها إلى نهايته في البداية.

س3: عن أي شيء تعبر مواضع الاستفهام المتعددة على طول النص؟

تعبر هذه الاستفهامات عن صدمة الشاعر بمفاجأة الفقد لتلك الأديبة الذائعة الصيت، فراح يتساءل وكأنه غير مصدق، أو كأنه ال يستوعب أن تخلف عادتها في احتلال صدر المجلس في منتداها والتحدث إلى رواده من صفوة الأدباء والمثقفين.

وقد تكرر بعضها بألفاظ غير مرة أين في المحفل مي؟ أين غاب؟ في المقطوعتين الأوليين خاصة.

س4: لماذا أتي السؤال في البداية بـ أين متبوعاً باسمها مي وكيف تغير التابع بعد أين بعد ذلك؟

أتي بـ أين متبوعاً باسمها مي وكأنه لا يتصور موتها وإنما يسأل عن مكان وجودها فحسب. وقد تغير التابع بعد أين فإذا به يقول: أين ولى كوكباه؟!أين غاب؟! بمعنى: أين ولت وأين غابت.

س5: ماذا تعمل دلالة الفعل ولى - غاب بعد أين؟

تعمل تلك الدلالة عملها ليتحول الاستفهام من السؤال عن غياب مطلق الى سؤال عن رحيل الى سؤال عن نهاية حزينة محتومة ونهاية لم تعصمها منها كل صفاتها الحميدة من خلق وفصاحة وذكاء وجمال.

س6: يظهر في المقطع الثالث صيحتان متتاليتان ما هما؟ وماذا تحملات من معان؟

الصيحة الأولى وهي صيحة التساؤل التعجبي الإنكار الرافض كل هذا في التراب؟

الصيحة الثانية: تتبع الصيحة الأولى وهي اه من هذا التراب وتحمل إقراراً وتسليماً بالحقيقة الصادمة.

س7: عم يعبر اسم الفعل اه؟

يعبر عن الشكوى والتوجع من امر مؤلم فظيع هو في هذا النص الموت الذي يأتي على كل شيء ولا يفلت منه شيء.

س8: ما الذي تصوره هذه الصيحة صيحة الشكوى والتوجع؟ وماذا يتولد منها؟

تصور الضعف والإقرار بالهزيمة.

وتحمل في ثناياها او يتولد منها روح من المقاومة والثورة.

س9: كيف يتطور الموقف في المقطوعة الأخيرة الى استخدام اسم فعل الامر وي؟

يظهر ذلك التطور حيث يحمل معاني متعددة ومتداخلة من التعجب والزجر والتهديد أيضا، وكلها معان موجهة إلى هذا التراب الذي يرى لنفسه القدرة على مواصلة انتهاب النفوس والأعمار (ويك -- ما انت براد ما لديك؟) ناسياً ان مجد مي (غير موكول إليه) ولا هو مما يستطيع ان يغيبه او يحجبه.

س10: كيف تندرج بنية الدلالة الشعرية على طول النص في المقاطع الأربعة؟

يظهر التدرج من صدمة المفاجأة بالفقد إلى التحسر على الفقيدة والتوجع لخسارتها، باستخدام الصيغة الدالة للتعبير عن هذا الإحساس إلى الثورة على الموت، ثم تحديه والتأكيد على خلود الأديبة الكبيرة.

س11: ما موضوع النص وغرضه؟ وكيف جدد فيه الشاعر؟

الرثاء وهو ذ كر محاسن الموتى.

وقد جدد فيه الشاعر حيث: القصد والاعتدال في إظهار الحزن ويختلف ذلك عن الرثاء القديم الذي يلجأ إلى التهويل والمبالغة، وتناول الشاعر الصفات الحسية والمعنوية والعقلية للمرثية.

س12: ما موقف العقاد ومدرسته من الأغراض القديمة خاصة الرثاء؟

الرثاء من الموضوعات القديمة التي كان العقاد يعترض عليها في بداية حياته ثم في نهاية حياته غير رأيه واعتبر أنها إذا كانت صادقة المشاعر فال بأس بها.

س13: ما خصائص مدرسة الديوان التي ظهرت في النص؟

  1. الوحدة العضوية.
  2. بالصورة الكلية.
  3. وضوح الجانب الفكري.
  4. الصدق وعدم المبالغة في الوصف.

س14: كيف خالف الشاعر هنا السمة الأساسية في شعر الديوان وهي الجفاف العاطفي؟

حيث فاضت القصيدة بالعواطف الجياشة من ألم وحزن وحسرة وصدمة من فقده لمي زيادة.

س15: ما أهم سمة لمدرسة الديوان تحققت في النص؟

سمة التأمل في الموت والحياة والحديث عن الموت الذي يفقد الإنسان أعز ما يملك.

س16: اذكر جوهر الشعر كما تراه مدرسة الديوان وظهر في كتابهم الديوان في الأدب والنقد؟

جوهر الشعر لديهم أنه:

  1. تعبير عن ذات صاحبه ووجدانه.
  2. وتعظيم دور الصورة في نقل إحساس الشاعر.
  3. والحرص على تماسك القصيدة.

س17: كيف عبر الشاعر عن عاطفته وفكره من خلال الألفاظ في النص؟

جاءت الألفاظ: موحية دالة ومعبرة عن عاطفة الشاعر وفكرته التي أراد إبرازها، مثل: (كل هذا في التراب؟) ففيه احتجاج ورفض لموتها. كما يثير في النفس شعورا بفداحة الخطب.

(آه) تفيد الشكاية والتوجع والألم والتسليم بما وقع. ويوحي أيضا بتحدي الموت ورفضه.

(وي) تفيد التعجب والزجر والتهديد لهذا التراب الذي اختطف الكاتبة وينتهب الأعمار ويهلك النفوس.

س18: قد توزع على النص أسلوبان يعملان على تماسك النص وترابط أجزائه اذكرهما مع التوضيح؟

الاستفهام:

كثر في النص واختتمت به المقاطع الثالثة الأولى فتتكرر أداة المكان (أين) والتي تعبر عن صدمة الشاعر بمفاجأة الفقد، فتساءل كأنه غير مستوعب أن تخلف عادتها في احتلال صدارة المجلس في المنتدى األدبي ..وأيضا(ين مي؟) أتبع الأداة باسمها كأنه غير مصدق. فيلقى سؤالاً مطلقاً حيث يسأل فقط عن مكان وجودها .... ثم يقيد هذا الإطلاق فيقول (أين ولى؟ أين غاب؟) فقيده وخصصه بسؤال عن رحيل ونهاية حزينة لم تعصمها منها صفاتها وذكاؤها. وهناك (هل) في السطر السابع مخاطبا الأصدقاء مستفهما مصدوماً. وهناك استفهام بغير أداة في (كل هذا في التراب؟) فيه إنكار وتحدي.

الأمر:

جاء في أول المقطوعة الثانية مرتبطا بالاستفهام.

س19: كيف ظهر التطور في عنصر الموسيقا في النص؟

الموسيقا الخارجية الظاهرة: فيه تطور حيث نوع العقاد في قافية القصيدة، وقد اختار قافيته ملائمة للحالة النفسية (الباء) الساكنة وهو حرف شديد فيه شدة. وكذلك نرى: وحدة التفعيلة، والسطر الشعري، وتقسيم قصيدته إلى مقاطع أربعة متساوية في عدد الأسطر الشعرية.

الموسيقا الداخلية الخفية في حسن اختيار الكلمات الموحية وترتيب الأفكار، وروعة الخيال.

س20: ما مكونات الصورة الكلية اللوحة الفنية في النص؟

مزج الشاعر بين الصورة الكلية بما توحيه من فقد وحسرة. والصورة الجزئية (التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل) في ترابط تام جمع أركان القصيدة وأطرافها في وحدة كلية. ففي المقطع الأول تظهر أجزاء الصورة في (المحفل، مي، الصحاب، المنبر، العرش). وخطوطها الفنية:

الصوت في الخطاب - مستجيب.

اللون في: المنبر - العرش.

الحركة في: صحاب - المحفل.

س21: علل تنوعت الأساليب بين الخبر والإنشاء؟

حتى يثير في القارئ الحزن على مي ويقرر ما لها من صفات ومحاسن فقدها الناس وجمع بينهما ليدفع الملل عن القارئ وان شاع الإنشاء في مقاطع القصيدة.

س22: تحدث عن ملامح القديم وملامح الجديد في النص.

ملامح القديم ملامح التجديد
  1. متابعة القدماء في الغرض الشعري الرثاء غرض قديم اعترض عليه الشاعر ثم نظم فيه.
  2. بعض الالفاظ القديمة مثل ويك
  3. بعض الصور التقليدية مثل: ذكاء المعي كالشهاب وشيم غر رضيات عذاب
  1. وضع عنوان للقصيدة
  2. التجديد ي الرثاء
  3. تقسيم القصيدة الى مقطوعات
  4. الاعتماد على السطر الشعري وشعر التفعيلة وعدم الالتزام بوحدة الوزن والقافية

التعريف بمي: هي ماري إلياس زيادة لدت في فلسطين في مدين الناصرة من أب لبناني وام فلسطينية وقد تعلمت في مدرسة الراهبات أخذت في القراءة في زمن مبكر وأخذت تكتب في الصحف والمجلات ثم جاءت إلى مصر وكان لها (صالون) يجتمع فيه كبار الادباء والكتاب كل يوم ثلاثاء أمثال (طه حسين / إسماعيل صبري / لطفي السيد / العقاد / الرافعى).. وكانت أديبة رائعة الأسلوب غزيرة المعاني ... وتوفيت 1941م.