الموضوع الثاني: الفلسفة والدين والعلم

الموضوع الثاني: الفلسفة والدين والعلم

أولاً: بين الفلسفة والدين:

  • إن أبرز التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان حينما نتحدث عن طبيعة الفلسفة والموقف الفلسفي تكون عادة حول علاقة الفلسفة بالعلم من ناحية، وعن علاقة الفلسفة بالدين من ناحية أخرى.
  • إن الخبرتين الفلسفية والدينية قديمتان قدم الإنسان، فبعد أن نجح الإنسان الأول في السيطرة على الطبيعة بدأ يفكر في حقيقة العالم الذي يعيش فيه ويتساءل عن أصله وأصل الوجود كليًّا.
  • وقد نجح أرسطو في بلورة تصور شبه متكامل عن تمايز البحث الفلسفي عن البحث العلمي وتمييز كلاهما لديه عن العقيدة الدينية أما على الصعيد الديني فقد حسمت الشرائع الدينية السماوية تساؤلات جديرة بالنظر والاعتبار مثل: ما جدوى الفلسفة في وجود الدين؟
  • أكد فلاسفة الإسلام على أنه" لا يوجد أي تعارض بين الدين والفلسفة فالحق لا يضاد الحق".
  • والفلسفة داعمه للإيمان ومؤكدة له، فالدين والفلسفة يلتقيان في معالجة موضوعات معينة مثل: أصل العالم وطبيعة الإنسان، وطبيعة الوجود.

1- العلاقة بين الفلسفة والدين:

العلاقة الفلسفة الدين
الموضوع
  • تهتم بدراسة قضايا الإنسان المعرفية، والجمالية، والبيئية، والحضارية، والعلمية.
  • الحقيقة الفلسفية حقيقة نسبية يدركها كفيلسوف من زاوية معينه حسب رؤيته الفلسفية المتميزة.
  • تتعدد أوجه الحقيقة الفلسفية بسبب:
  1. طبيعة الموضوعات التي يتناولها الفلاسفة بالبحث.
  2. اختلاف وجهات نظر الفلاسفة ومذاهبهم.
  3. الاختلاف في الرأي من صميم الطبيعة البشرية.
  • تتركز موضوعات الدين حول علاقة الإنسان بالله، وكيفية التقرب إليه بالعبادات.
  • الحقيقة الدينية مطلقة مصدرها علوي سماوي غير قابلة لأي شك وغير قابلة للتعديل أو التطوير.
المنهج
  • قائم على ما يفكر فيه عقل الإنسان والحجج العقلية المقنعة.
  • إن العقل يحتل مكان الصدارة؛ لتجنب المسلمات الغامضة، فهو يخضع كل شيء للحوار والجدل، ولا يقبل أي شيء إلا بالدليل العقلي.
  • يقوم على الإيمان والتسليم بحقائق معينة وتفسيرها.
  • الإيمان بالعقيدة الدينية يعنى القبول بمجموعة الحقائق التي مصدرها إلهي لأنها منزلة من الله، عن طريق الوحي.
  • المفكر الديني مثله مثل الفيلسوف يستخدم المنطق والعقل في الفهم والتأويل والتفسير والرد على الخصوم.

الغاية الفلسفة والدين يتحدان في هدف مشترك هو إدراك الحقيقة.

2- التوفيق بين الفلسفة والدين:

  • العلاقة بين الفلسفة والدين ليست صراعا مطلقاً، فلا الفلسفات كلها رافضة للدين ولا الدين اتخذ من الفلسفات كلها موقفا معارضاً سلبياً.

الصلة بين الفلسفة والدين تظهر في حقيقتين أساسيتين:

  • إن الفلسفة والدين كل منهم يستخدم العقل وجوهرهما معرفة صانع العالم بالعقل.
  • تشترك الفلسفة والدين في غاية واحدة وهي تحقيق السعادة.
  • لقد حثت الأديان السماوية جميعها على إعمال العقل في الكون لإدراك الخالق والحقائق.
  • والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، وكذلك الكتب السماوية الأخرى.
  • ومن هنا لا يجوز للإنسان أن يعطل العقل عن أداء وظيفته التي خلقه الله من أجلها هي التأمل والتفكير، تعطيل العقل عن أداء هذه الوظيفة يعتبر تعطيلا للحكمة التي أرادها الله من خلق العقل.
  • كما طالب القرآن بالدليل والبرهان وذلك في قوله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).

نموذج تطبيقي للتوفيق بين الفلسفة والدين (ابن رشد):

  • كان محور جهود ابن رشد في دفاعه عن الفلسفة يتمثل في عملية التوفيق بين الفلسفة والدين، وألف كتاب في ذلك بعنوان (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) وملخص آرائه في ذلك هو: إن هدف كل من الفلسفة والدين هو الوصول إلى الحقيقة كما أن الدين الإسلامي حث المسلمين على التفكير وتعقل أمور الحياة، وهو نفسه ما تسعى إليه الفلسفة، لذلك لا تعارض بينهما على الإطلاق.

ثانياً: الفلسفة والعلم:

  • إن الفلسفة والعلم يمثلان أهمية قصوى للإنسان في هذا العالم، وذلك لأن حياته لم تكن ممكنة إلا باستخدام عقله في طرح الكثير من التساؤلات حول حقيقة الوجود. وأيضاً الوصول إلى حلول عملية سريعة لكل ما يواجهه من مشكلات.

ملحوظة: استخدم الإنسان لعقله الواعي في البداية يختلط فيه العملي بالنظري

1- الفرق بين الفلسفة والعلم: يمكن تحديد الفروق في التالي:

أوجه الفروق الفلسفة العلم
الموضوع كلي معنوي مجرد. جزئي حسي مادي.
المنهج
  • عقلي تأملي تحليلي.
  • الفلسفة لا تسلم بصحة فكرة إلا إذا أثبت لديها ثبوتا لا يوجد معه مجال للشك.
  • تجريبي يقوم على الملاحظة والتجربة.
  • يقوم على أساس قواعد المنهج العلمي (الملاحظة، الفروض، التجربة).
الغاية تبحث عن العلل البعيدة للظواهر. يبحث عن العلل القريبة.
الموضوعية والذاتية ذاتية وتصطبغ بالصيغة الإنسانية. موضوعي، وإن كان العلم المعاصر لا الموضوعية الذاتية لا يستبعد تأثير الجوانب الإنسانية الذاتية.

2- التكامل بين الفلسفة والعلم:

  • الفلسفة والعلم كلاهما يستفيد من الآخر، فتأملات الفلاسفة كثيراً ما أفادت العلماء في فهم للظواهر الطبيعية.
  • فتأملات الفلسفة أفادت العلماء كثيراً في تفهمهم للظواهر الطبيعية ومنها ما سبقت التطور العلمي مثل نظرية هرقليطس عن الكون.

ويمكن توضيح العلاقة بين الفلسفة والعلم من خلال ما يلي:

  • الفلسفة والعلم سيظلان مصدرين أساسيين للمعرفة.
  • ونعني بالعلم في هذا المقام ما هو قطعي لا خلاف عليه، ونعني بالفلسفة القضايا والموضوعات التي مازالت موضعا للري والقبول.

مثال: تتعامل الرياضيات مع الأعداد لكنها لا تستطيع أن تجيب عن السؤال الذي يستفسر عن ماهية العدد.

مثال آخر: تعالج الفيزياء مشكلات الزمن لكنها تعجز عن تعريف ماهية الزمن.

  • يبحث العلم في العلل القريبة المباشرة وأحكامه لا تقرر أكثر مما هو موجود في الواقع الخارجي، أما الأحكام الفلسفية فتتعلق بالعلل البعيدة التي هي وراء العلل القريبة أو فوقها.
  • القول بأن الفلسفة تناقض العلم هو قول خاطئ، فهناك تكامل بين العلم والفلسفة، فالفلسفة ليست بديلة عن العلم أو منافسة له، لأن الفلسفة كانت في الماضي تحتوي كل العلوم ثم انفصلت عنها حديثة مجموعة من العلوم الجزئية.
  • العلم لا يدرس الأسس التي يبنى عليها العلم نفسه ولكن هذه الأمور تقوم بها الفلسفة.
  • كل من الفلسفة والعلم يبحث عن الحقيقة.
  • كل منها يدرس العالم والحياة؛ الفلسفة تدرس الجانب المعنوي؛ والعلم للجانب المادي.