الدرس الأول: الحدود السياسية

الدرس الأول: الحدود السياسية

أولاً: مفهوم الحدود السياسية:

تعد الحدود السياسية ظاهرة بشرية

لأن الإنسان هو الذي يقوم بتخطيطها تبعاً لمصالحه الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

تطور الحدود السياسية عبر الزمن:

  • كانت الحدود قديماً عبارة عن نقاط على هوامش الدولة أقيمت عندها قلاع وأسوار حول الممالك والدول المتجاورة كسور الصين العظيم وأسوار وقلاع أقامها الرومان حول أطراف دولتهم.
  • ومنذ ظهور الدولة القومية الحديثة في القرن 17 م ظهرت الحدود الخطية المعروفة في الوقت الحالي خاصة مع ظهور الثورة الصناعية الأولى في بداية القرن 19م.
  • ومنذ ذلك الحين استخدمت عمليات المسح الميداني في رسم الحدود بين الدول.

مفهوم الحدود السياسية:

  • خطوط ترسم على الخريطة تحدد الرقعة الأرضية التي تمارس عليها الدولة هذه السيادة.
  • وتنتهي عندها هذه السيادة وتبدأ سيادة دولة أخرى.
  • ولا بد أن نعترف بهذه الحدود الدول المجاورة والمجتمع الدُّوَليّ.

أهمية الحدود السياسية:

الحدود السياسية تحدد:

  1. المساحة الأرضية في عرض الدولة عليها سيادتها.
  2. الموارد الأرضية السطحية والباطنية والبحرية التي تسيطر عليها الدولة وتدخل ضمن حدودها.
  3. المجال الجوي والبحري التابع لسيادة الدولة.

ثانياً: الفرق بين الحدود والتخوم:

التخوم الحدود السياسية

مناطق جغرافية لها مساحة (لها طول وعرض) كالغابات والصحاري.

عبارة عن خطوط تفصل بين الدول بعضها وبعض ولا يتعدى عرضها بضع بوصات أحياناً.

ظاهرة جغرافية ظاهرة بشرية.
ليس لها أساس قانوني أو معاهدة تحدد إطارها المكاني بدقة.

ظاهرة قانونية شرعية تحدد حقوق وواجبات جانبي الحد السياسي من خلال اتفاقية أو معاهدة.

ظاهرة ثابتة في المكان لا تتغير بتغير الظروف أي لا يمكن تحريكها.

ظاهرة قابلة للنقل والحركة والتغير بل والاختفاء في حالات كثيرة.

تضم أحيانا موارد طبيعية لأنه بطبيعتها لها مساحة كالغابات والجبال.

لا تظهر بها موارد طبيعية لأنها مجرد خطوط.
  • لقد كانت التخوم هي الطابع المميز والسائد قبل أن تظهر خطوط الحدود في العصر الحديث.
  • حيث كانت تظهر مناطق التخوم غالباً في المناطق التي تفصل بين مجال نفوذ الدول الكبرى في العصور القديمة والوسطى مثل مناطق التخوم بين الدول العربية والإسلامية والدولة البيزنطية.

ثالثاً: العوامل المؤثرة في نشأة الحدود:

ترجع نشأة الحدود السياسية إلى عدة عوامل منها:

1- زيادة عدد السكان:

دفعت زيادة السكان كل دولة إلى:

  • التوسع في مناطق التخوم المجاورة لها.
  • صاحب هذا التوسع تقدم وسائل النقل والمواصلات التي سهلت من عملية التوسع.
  • ومع التوسع التقت الدول مع بعضها البعض عند نقطة لابدَّ أن يحدد فيها أو عندها حدود خطية تحدد سيادة كل دولة بكل دقة.
  • مثل ما حدث بقارة أوربا حيث كانت الجبال والغابات بمثابة التخوم الفاصلة بين دول القارة وبإزالة الغابات انكشفت الأرض وبالتالي رسمت الحدود الخطية للفصل بين الدول بدلاً من التخوم.

2- الحاجة إلى تنمية المناطق الهامشية وعدم الرضا عنها:

  • نشأ الحد السياسي الخطي لأن أياً من الدولتين المشتركتين فيه أو كلتهما لم تعد راضية عن الوضع الغامض لمناطقها الهامشية كالمناطق الصحراوية مثالاً.
  • مما دفعها إلى:
  1. تنمية هذه المناطق واستغلالها.
  2. واكتشاف ما بها من موارد اقتصادية.
  • وبالتالي ترسيم الحدود الخطية على اليابس أو على المسطحات المائية المشتركة بين هاتين الدولتين.

3- المعاهدات المبرمة بين الدول:

  • ظهرت الحدود السياسية الخطية أيضاً نتيجة لإبرام المعاهدات بين الدول.
  • وكثير من حدود العالم اليوم جاء تحديدها بناءً على معاهدة خشية طغيان دولة قوية على جارتها الضعيفة.

4- تقسيم الاستعمار لمستعمراته:

  • أدت تقسيم الاستعمار لمستعمراته إلى نشأة الكثير من الحدود السياسية.
  • خاصة في المستعمرات الأوربية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

5- الحروب:

  • كانت الحروب ذات أثر واضح على نشأة الحدود الخطية.
  • كمثال على ذلك حدود الغالب والمغلوب، وحدود الهدنة التي أصبحت بمثابة حدود سياسية.

ثالثاً: مراحل تخطيط الحدود السياسية:

  • لا تلجأ الدول إلى تخطيط الحدود السياسية في منطقة من المناطق إلا إذا أقبل الناس عليها وعمروها ثم استغلوها، وأصبح لزاماً عليهم تعيين الحد السياسي الذي يفصل منطقتهم عن المناطق المجاورة حتى لا يعتدي عليها أحد.

ويمر تقطيع وترسيم الحدود بين الدول بأربع مراحل هي:

1- المرحلة الأولى: التعريف والتخطيط

  • حيث توضع معاهدة الحدود في هذه المرحلة.
  • تشتمل المعاهدة على وصيف الحدود والمناطق التي ستخترقها.
  • كلما كان الوصف تفصيلياً ودقيقاً كلما قلت احتمالات الاحتكاك والنزاع والعكس صحيح.

2- المرحلة الثانية: التحديد

  • يتم في هذه المرحلة تحديد الحد.
  • فبعد أن يتم الانتهاء من صياغة معاهدة الحد تعطى للجنة الجغرافية التي تستعين ب:

  1. الخرائط التفصيلية.
  2. والصور الجوية.
  3. والمرئيات الفضائية.
  • وتبرز في هذه المرحلة المسائل الصغيرة (كمزرعة مثلاً أو قرية يقع جزء منها في دولة والجزء الأخر في دولة ثانية). مما قد يؤدي إلى تغيير مسار الحد عدة مئات قليلة من الأمتار هنا أو هناك.

3- المرحلة الثالثة:

  • في هذه المرحلة يتم تعيين خط الحد على الطبيعة وتحقيقه على الخريطة.
  • ويستعان في هذه المرحلة بعدة أشياء منها:
  1. نصوص المعاهدة.
  2. المعلومات التي جمعها الجغرافيون في المرحلة الثانية.
  3. الخرائط التفصيلية.
  • تستخدم طرق مختلفة في توضيح الحد مثل الأسلاك الشائكة وأعمدة من الحجارة أو الإسمنت المسلح أو بناء الأسوار.

4- المرحلة الرابعة: إدارة الحد

  • يتم في هذه المرحلة:
  1. المحافظة على الحد الخطي السياسي.
  2. واستبقاء فاعليته وحراسته.
  • ويتم الاتفاق في هذه المرحلة على ما يلي:
  1. منافذ عبور الحد.
  2. نقاط التفتيش والجمارك والحراسة والتحصينات.
  3. لجان فض المنازعات ووسائلها.

خامساً: وظائف الحدود السياسية

تتعدد وظائف الحدود السياسية باعتبارها خط انتهاء سيادة دولة وبداية سيادة دولة أخرى.

1- الفصل بين الدول:

  • تلعب الحدود دوراً رئيساً في الفصل بين الدول وذلك من خلال:
  1. توقيع اتفاقيات موثقة في وثائق رسمية بين الدول.
  2. وموقعة على الخرائط.
  • وبناء على ذلك توضع على طول الحدود:
  1. الحواجز ونقط التفتيش.
  2. مراكز الحراسة والمراقبة الحدودية الخاصة بالدول.
  3. بجانب المنافذ الجمركية.
  4. وكذلك علامات الحدود بأشكالها وأنواعها المختلفة.

2- الحماية والأمن:

  • وهي تعد الوظيفة الأكثر أهمية حيث إن الغرض الأساسي من إقامة الحدود في الماضي والأمن والحماية من الاعتداءات المفاجئة.
  • حيث تتركز الدفاعات العسكرية على طول الحدود خاصة في القطاعات المعرضة لأخطار الغزو والتهريب.
  • وقد ساهمت التقنية الحديثة ب:
  1. دور كبير في حماية الحدود من خلال المراقبة الجوية والأقمار الصناعية (أثر إيجابي).
  2. وفي نفس الوقت أثرت التطورات الحديثة التي طرأت على وسائل الحرب خاصة في مداها وسرعتها وفاعلية تدميرها وتخطيها للعقبات خاصة العقبات الطبيعية كالجبال على وظيفة الحد الأمنية وبذلك تسقط نظرية الحد الأمن (أثر سلبي).

3- الحماية الاقتصادية:

  • حيث تعدد الحدود السياسية نصيب كل دولة من الموارد.
  • كذلك من خلال الحدود:
  1. تراقب الدول تدفق السلع والبضائع عبر الحد في الاتجاهين.
  2. وتحاول منع تهريب السلع.
  3. كما تحدد الدول الرسوم الجمركية على السلع المستوردة لحماية منتجاتها المحلية.
  4. وتسهم في حماية المواطنين من خلال فحص المنتجات المستوردة وتحديد مدى صلاحيتها أو جودتها للاستخدام.
  • ولكن لا تتضارب مصالح الدول عند استغلال موارد الثروة التي توجد عند الحدود، تعمد الدول إلى:
  1. تعيين حدودها بدقة حتى لا تحدث منازعات بين الدول نتيجة استغلال هذه الموارد.
  2. عقد اتفاقيات خاصة بنصيب كل دولة من الثروات التي توجد على الحدود کالمخزون البترولي والغاز الطبيعي والثروات المعدنية التي توجد في باطن الأرض على جانبي خط الحدود (سواء كان حداً برياً أو بحرياً) مثل البِترول، ولها الطبيعي بين دول الخليج وبين ليبيا وتونس.

4- الوظيفة السياسية والقانونية للحد:

  • يتكون النظام السياسي العالمي من دول مستقلة ذات سيادة تفصل بينها حدود سياسية.
  • وتسعى كل دولة إلى المحافظة على شخصيتها السياسية داخل حدودها من خلال:
  1. منع دخول الأشخاص غير المرغوب فيهم خشية تهديد التماسك القومي للبلاد.
  2. كما يمنع على الحدود عبور الصحف والمجلات والكتب التي تضر بسلامة الوطن.
  • من هنا نجد أن الحد السياسي هو الذي يحدد القوانين التي سيخضع لها كل فرد من الأفراد ما دام يعيش داخل الحدود السياسية للدولة حتى وإن لم يكن من مواطنيها.