مصر تتحدث عن نفسها "شعر" حافظ إبراهيم

الشاعر هو: ولد الشاعر سنة 1870 عمل أبوه مهندساً للري، لقب الشاعر بشاعر النيل لتغنيه بالنيل والمصريين في شعره.

مناسبة النص: أنشد حافظ القصيدة في حفل تكريم عدلي يكون بعد عودته من أوروبا بعد ان قاطع المفاوضات مع انجلترا عام 1921.

مصر الحضارة:

1 - وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جميعاً **** كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي

2 - وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهـرِ **** كَـفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي

3 - أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَرقِ **** ودُرّاتُهُ فَـرائِدُ عِـقـدي

4 - أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ الناسَ ***** جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي

5 - أَنا إِن قدَّرَ الإِلَهُ مَماتي **** لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي

6 - إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ **** مَن لَهُ مِثلَ أولَياتي وَمَجدي

7 - نَظَرَ اللَهُ لي فَأَرشَـدَ أَبنائي **** فَشَدّوا إِلى العُلا أَيَّ شَدِّ

دعوة للنهوض بمصر:

8 - قَد وَعَدتُ العُلا بِكُلِّ أَبِيٍّ **** مِن رِجالي فَأَنجِزوا اليَومَ وَعدي

9 - وَاِرفَعوا دَولَتي عَلى العِلمِ وَالأَخلاقِ ***** فَالعِلمُ وَحدَهُ لَيسَ يُجدي

10 - نَحنُ نَجتازُ مَوقِـفاً تَعثُـرُ الآراءُ **** فـيهِ وَعَثرَةُ الرَأيِ تُردي

11 - فَقِفوا فيهِ وَقفَةَ الحَزمِ وَاِرموا **** جانِبَيهِ بِعَزمَةِ المُستَعِدّ

الشرح:

على لسان مصر يتحدث حافظ إبراهيم ليخبر أنها أول من وضعت أسس الحضارة منذ القدم والشاهد على ذلك الأهرامات التي تتحدى العالم كله إن مصر هي تاج على رأس الشرق لا قيمة للشرق بدونها وكل ما بهر الناس عند الغرب فإن مصر لديها مثله وأفضل منه.

إن مصر لو ماتت لذل الشرق كله فهي قوتهم وفخرهم فها هو مجدها منذ قديم الأزل شاهد على عظمتها، فمن له مثل ذلك المجد فلقد نظر الله الى أبنائها نظرة عناية فاجتهدوا حتى وصلوا الى العلا بفضل اجتهادهم.

لقد وعدت مصر بأن تصل بأبنائها الى العلا لذا فهي تطلب من أبنائها البررة أن ينجزوا ذلك العهد ليصلوا الى العلا وليرفعوا دولتهم على العلم والأخلاق فالعلم وحدة لا قيمة له.

إن الوقت يحتاج الى سداد الرأي الذي بدونه نهلك فقفوا أيها المصريون اليوم وقفة الحازم من أجل النهوض ببلدكم.

من اللمحات الفنية والجمالية:

(وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً): كناية عن شدة إعجاب وانبهار الناس بمصر وما تشيده من أمجاد، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(وَقَفَ): فعل ماض يدل على الثبوت والتحقق.

(الخَلقُ - جَميعاً): كلمتان تفيدان العموم والشمول فكأن كل الدنيا تنظر وتتأمل في انبهار.

(يَنظُرونَ): استخدام الفعل مضارع يفيد التجدد والاستمرار واستحضار صورة انبهار العالم الشديد في الذهن.

(كيف أَبني قَواعِدَ المَجد؟): أسلوب إنشائي طلبي / استفهام، غرضه: التعجب.

(أَبني قَواعِدَ المَجد): استعارة مكنية تصور المجد ببناء تبنى وتشيد قواعده، وسر جمال الصورة: التجسيم، وتوحي الصورة بعظمة مصر ورسوخ حضارتها.

(أَبني): التعبير بالفعل (أبني) يوحي بأن حضارة مصر حضارة تعمير لا تخريب بقاء لا فناء.

(قَواعِدَ): التعبير بالجمع يوحي برسوخ أسس الحضارة المصرية وعراقتها.

(وحدي): تدل على التفرد والعظمة فلا يشاركها في صنع المجد صانع آخر.

(جَميعاً - وَحدي): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(بُناةُ الأَهرامِ): كناية عن قدماء المصريين، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(سالِفِ الدَهـرِ): تعبير يدل عراقة وأصالة الحضارة المصرية التي لا تبارى.

(كَـفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي): كناية عن التميز والعظمة والتفرد عند قدماء المصريين، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(أَنا تاجُ العَلاءِ): تشبيه بليغ، حيث صور الشاعر مصر بتاج من العزة والرفعة، وسر جمال الصورة: التوضيح، ويوحي بسمو ورفعة مكانة مصر، وأيضاً استعارة مكنية للعلاء بملك يتوج، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(أَنا تاجُ العَلاءِ): أسلوب قصر بتعريف المبتدأ والخبر يفيد التأكيد والتخصيص.

(أَنا): التعبير بضمير المتكلم يوحي بالاعتزاز والفخر الشديد بالنفس.

(مَفرِقِ الشَـرقِ): استعارة مكنية تصور الشرق بإنسان له رأس، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي الصورة بأهمية مصر فهي كالتاج الذي يزين الرأس.

(دُرّاتُهُ): استعارة تصريحية تصور دول الشرق بالدرات والجواهر، وتوحي الصورة بقوة الصلات والروابط بين مصر أم العرب وشقيقاتها وقيمة الشرق الغالية.

(فَرائِدُ عِـقدي): استعارة تصريحية تصور الأمجاد المصرية بفرائد العقد الجميلة، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ الناسَ جَمالاً؟): أسلوب إنشائي طلبي / استفهام، غرضه: النفي أي نفي أن يوجد مثيل لما تفردت وتميزت به مصر.

(شَيءٍ): نكرة تفيد العموم والشمول.

(قَد بَهَرَ الناسَ جَمالاً): أسلوب مؤكد بقد.

(جَمالاً): نكرة للتعظيم، لكن يؤخذ علي الشاعر أنه قد فسر ما يبهر الناس من نهضة الغرب من زاوية الجمال وحده، وكان يمكنه أن يقول (ثراء - أو نتاجا) ولكنه شاعر غلبت عليه النظرة الفنية.

(وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي): تعبير يدل على كثرة الأشياء المبهرة في مصر التي جعلت العالم مسحوراً مبهوراً بمصر وحضارتها، وأيضاً يعاب عليه هذا التعبير لقربه من التعبير العامي، ولغة الشعر أرقى من لغة العوام.

(أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي): استعارة مكنية حيث صور مصر شخصاً يتكلم، وسر جمالها التشخيص، والتعبير بـ(أنا) للفخر والاعتزاز.

(إِن قَدَّرَ): إن تفيد الشك في زوال مصر.

(قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي): كناية عن الرضا بقضاء الله وقدره، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(مَماتي): استعارة تصريحية، حيث شبه الضعف الذي قد يصيب الوطن بالموت، وسر جمالها التوضيح. و(مماتي) هنا لا تتناسب والجو النفسي للنص؛ فمصر تفخر بنفسها وقدرتها ولكن (إن) هنا التي تفيد الشك في حدوث ذلك فتدل على أن مصر لم تمت ولن تموت.

(لا تَرى): استخدام الفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار في معاناة الشرق بعد مصر، وعلاقتها بما قبلها: نتيجة.

(لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي): استعارة مكنية، حيث صور الشرق بإنسان له رأس لا يستطيع أن يرفعه، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي بتأثير مصر الواضح في الحفاظ على عزة وكرامة دول الشرق العربي كله؛ فعزة مصر عزة للعرب وهوانها هوان مؤكد لهم.

(لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي): كناية عن ذل وهوان ومعاناة الشرق والعالم العربي بعد مصر، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ): كناية عن عراقة وأصالة حضارة مصر، وسر جمال الكناية: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

(مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ): استعارة مكنية، حيث صور مصر بإنسان له مجد أصيل، وسر جمال الصورة: التشخيص، وتوحي بالفخر والاعتزاز.

(إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ): أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (في الأولَياتِ) على خبر إن (عَريقٌ) يفيد التخصيص والتوكيد، وأيضاً أسلوب مؤكد بـ (إِنَّ).

(مَن لَهُ مِثلَ أولَياتي وَمَجدي): أسلوب إنشائي طلبي / استفهام، غرضه: الفخر، والنفي.

(أولَياتي): تعبير يوحي بالسبق والريادة، والتعبير بالجمع يوحي بكثرة ما تتفرد به مصر، والإضافة إلى ضمير المتكلم تفيد التخصيص والاعتزاز والفخر.

(لي): مجاز مرسل عن أهل مصر، وعلاقته: المحلية، وسر جمال المجاز: الدقة والإيجاز.

(فَأَرشَدَ أَبنائي): نتيجة لما قبلها، والتعبير يوحي بالرعاية الإلهية لأبناء مصر.

(فَشَدّوا إِلى العُلا أَيَّ شَدِّ): استعارة مكنية تصور العلا هدفاً شامخاً ينهض إليه أبناء مصر في قوة وشجاعة وسر جمالها التجسيم، وهي توحي بسمو الهدف.

(قَد وَعَدتُ العُلا): استعارتان مكنيتان فيهما تصوير لمصر بشخص يعد والعلا بشخص يُوعد، وسر جمالهما: التشخيص، وتوحي بصدق مصر في تنفيذ وعودها، وأسلوب مؤكد بـ(قد).

(بِكُلِّ أَبِيٍّ): استعارة مكنية، حيث صور رجال مصر الأعزاء بوسيلة تصل بها مصر لأعلى منزلة.

(أَبِيٍّ): كلمة تلاءم اعتزاز وافتخار مصر بنفسها وبأبنائها.

(رجالي): الإضافة تفيد التخصيص والاعتزاز والفخر بالمصريين والجمع للكثرة.

(فَأَنجِزوا اليَومَ وَعدي): أسلوب إنشائي طلبي / أمر، غرضه: النصح والإرشاد والحث على تحقيق الوعد، و(الفاء) تفيد السرعة والترتيب والتعقيب.

(فَأَنجِزوا وَعدي): استعارة مكنية، حيث صور مصر بقائد يطلب من رعيته تنفيذ وتحقيق وعوده، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(وَاِرفَعوا دَولَتي عَلى العِلمِ وَالأَخلاقِ): أسلوب إنشائي طلبي / أمر، غرضه: الحث والنصح والاستنهاض.

(وَاِرفَعوا دَولَتي): استعارة مكنية، حيث صور مصر بقائد يطلب من رعيته النهوض بالوطن، وسر جمال الصورة: التشخيص.

(وَاِرفَعوا دَولَتي عَلى العِلمِ وَالأَخلاق): استعارة مكنية، حيث صور العلم والأخلاق بقواعد ترفع لتحقيق النهضة، وسر جمال الصورة: التجسيم.

(فَالعِلمُ وَحدَهُ لَيسَ يُجدي): استعارة مكنية، حيث صور العلم بإنسان لا ينفع أو بدواء لا ينفع وحده، وسر جمالها: التشخيص أو التجسيم، أو كناية عن تلازم العلم والأخلاق وحاجة كل منهما للآخر. وعلاقتها بما قبلها: تعليل.

(نَجتازُ مَوقِفاً تَعثُرُ الآراءُ فيهِ): استعارة مكنية، فيها تجسيم للموقف بشيء مادي يجتازه أبناء مصر، والآراء بأشخاص تتعثر أو تتخبط في خلافاتها.

(مَوقِفاً تَعثُرُ الآراءُ فيهِ): كناية عن صعوبة الظروف التي تمر بها مصر وخطورتها.

(مَوقِفاً): نكرة للتهويل.

(الآراءُ): جمع يفيد الكثرة وتعدد وجهات النظر في الأمر الواحد.

(وَعَثرَةُ الرَأيِ تُردي): استعارة مكنية حيث شبه العثرة بشيء مادي يقتل ويهلك، وسر جمالها: التجسيم، وتوحي بضرورة الانتباه وحسن إعمال العقل في الشدائد.

(نَجتازُ - تَعثُرُ): محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد.

(تَعثُرُ - عَثرَةُ): محسن بديعي / جناس اشتقاقي ناقص يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن.

(فَقِفوا فيهِ وَقفَةَ الحَزمِ): استعارة مكنية، فيها تشخيص لمصر بقائد ينصح جنوده، وأسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (فيه) المفعول المطلق (وقفة) يفيد التخصيص والتوكيد.

(فَقِفوا فيهِ وَقفَةَ الحَزمِ): كناية عن شدة وقوة المصرين في مواجهة الصعاب.

(وَاِرموا جانِبَيهِ بِعَزمَةِ المُستَعِدِّ): استعارة مكنية فيها تجسيم للعزمة بسهام يرميها أبناء مصر، وأيضاً تجسيم للموقف الصعب الذي تمر به مصر بطريق له جانبان يضربه أبناء مصر بسهام العزيمة فيهدمانه.

(قفوا - ارموا): أسلوب إنشائي طلبي / أمر، غرضه: الحث والنصح والاستنهاض.

(قفوا - وقفة): محسن بديعي / جناس اشتقاقي ناقص يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن.

التعليق الأدبي والبلاغي:

س1: ما سمات أسلوب الشاعر ومدرسته؟

  • فصاحة الألفاظ وبعدها عن الغرابة.
  • الحرص على اللفظ العربي الأصيل.
  • جزالة العبارات وإحكام الصياغة.
  • روعة التصوير وكثرته لتوضيح المعاني وتوكيدها.
  • الالتزام بوحدة الوزن والقافية.
  • وحدة الموضوع.
  • الاستعانة بالمحسنات البديعية غير المتكلفة والشاعر من المدرسة الكلاسيكية.

س2: ما مصدر الموسيقى في النص؟

الموسيقى الخارجية (الظاهرة): وتتمثل في الوزن والقافية.

الموسيقى الداخلية (الخفية): وتتمثل في صدق العاطفة وحسن اختيار الألفاظ وترابط الأفكار وجمال التصوير.

س3: تجمع المدرسة الكلاسيكية بين القديم والحديث وضح ذلك؟

تجمع المدرسة الكلاسيكية بين القديم والحديث حيث تستمد الشكل من القديم وتربط المضمون بالذات او بأحداث العصر.

س4: ما ملامح شخصية الشاعر؟

  • وطني صادق.
  • محب لوطنه معتز به.
  • واسع الثقافة عميق الفكرة.
  • شاعر موهوب.